.
المؤلف : قداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث .
الناشر : الكلية الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس .
الطبعة : الأولى – يونيو سنة 1995 .
المطبعة : الأنبا رويس الأوفست – العباسية – القاهرة .
رقم الإيداع بدار الكتب : 4646 / 95 .
I. S. B. N. 977 – 5345 – 26 – x
مقدمة
المزمور السادس من مزامير صلاة باكر .
وأيضاً هو من مزامير التوبة ، مثل إنسان في ضيقة : مثل المزمور 12 ( 13 ) " إلى متى يارب تنسانى " ومثل المزمور الثالث " يارب لماذا كثر الذين يحزنوني .. "
إنه يناسب من هو في ضيقة عادية من أعدائه ، ومن هو في تعب روحي من الخطية ومن الشيطان ... إنه يعبر عن مشاعر مكن أن تمر في قلوب كثيرين ، يطلبون الرحمة من الله . وقد اهتمت الكنيسة بهذا المزمور ، فكررته في بعض صلوات الأجبية : في صلاة باكر ، وفي صلاة الستار للرهبان ، وفي صلاة نصف الليل ... وهو أيضاً من المزامير التي تبدأ بشرح التعب ومشاكل الأعداء المضايقين ، ولكن تنتهى بالفرح . ويشعر المصلى أثناء صلاته أن الله قد قبلها وقد استجاب ، مما يدع إلى التهليل والتسبيح . يشبه في ذلك المزمور الثالث ، وأيضاً الثاني عشر . نفس الروح ، ونفس الاستجابة . ولقد قمت بإلقاء التأملات في هذا المزمور في أواخر سنة 1968 في الاجتماعات يوم الجمعة . وظل التأمل محفوظاً في الكاسيتات الصوتية ، إلي إن شاء الله أن يطبع بعد حوالي 27 عاماً ، ويصل إلى يديك أيها القارئ العزيز . وهو واحد من مزامير كانت موضع تأملاتنا في تلك الفترة . وقد نشرنا بعضها ، وأرجو أن يكون الباقي في طريقه إليك إن شاء الله .
أبريل 1995
البابا شنوده الثالث
(مز6 )
يارب لا تبكتني بغضبك ، ولا تؤدبني بسخطك ارحمني يارب لأنى ضعيف . أشفني فإن عظامي قد اضطربت ، ونفسي قد انزعجت جداً وأنت يارب فإلى متى . عد ونج نفسي ، و أحيني من أجل رحمتك . لأنه ليس في الموتى من يذكرك ، ولا في الجحيم من يعترف لك . تعبت في تنهدي . أعوم كل ليلة سريري ، وبدموعي أبل فراشي . تعكرت من الغضب عيناي . هزمت من سائر أعدائي . عدوا عني يا جميع فاعلي الإثم . لأن الرب قد صوت بكائي . الرب سمع تضرعي . الرب لصلاتي قبل . فليخز وليضطرب جداً جميع أعدائي . وليرتدوا إلى ورائهم بالخزى . هللويا .
يارب لتبكتني بغضبك
لا تبكتني بغضبك
هذا المزمور من مزامير التوبة والمشهورة .. ومن اهتمام الكنيسة به ، وصنعته في صلاة باكر ، وفي صلاة نصف الليل ، وفي صلاة الستار التي يصليها الرهبان . يقول داود في مقدمته :
" يارب لاتبكتنى بغضبك ، ولا تؤدبنى بسخطك " .
وهو هنا يعترف بخطيئته ، ويعترف بأنه يستحق التبكيت والتأديب ، إنما يطلب ألا يكون ذلك شديداً عليه . يقول للرب " لاتبكتنى بغضبك " ، لأنه إنسان ضعيف ، لا يحتمل غضب الله .. لو أدبتني يارب بغضبك ، يمكن أن تفنيني ، ولا تبقى علي . وهذا المعنى قاله أيضاً أرميا النبي " أدبنى يارب ، ولكن بالحق . لا بغضبك لئلا تفنيني " ( أر10 : 24 ) . هو لا يعفي نفسه من التبكيت ، ولكنه يقول : لا تبكتني بغضبك : لأنه " مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي " ( عب10 : 31 ) . عندما غضب الله غضبه شديدة على خطايا الناس ، أغرق العالم بالطوفان . ثم رجع وتحنن ، ووضع علامة حتي لا يعود يفني كل ذي جسد علي الأرض ( تك9 : 15 ) . ثم غضب غضبه أحرق بها مدينة سادوم ( تك19 ) . وغضب الرب على فرعون ، فأغرقه هو وكل جنوده في البحر الأحمر ( خر14 : 28 ) . وغضب الرب على قورح وداثان وابيرام ، فابتلعهم الأرض وهم أحياء ( عد16 : 32 ) .
X X X
ونحن نخطئ كل يوم . وربما تكون خطايانا في مثل خطايا أولئك الناس .
ونصرخ إلى الرب ونقول : لا تبكتنا بغضبك . لو عاملتنا يارب بغضبك ، فلن يخلص أحد . ونحن نصلى للرب في صلوات الصوم الكبير ، ونقول " لأنه إن عاملتنا يارب بعدلك ، فلن نجد حجة " . لذلك يقول داود للرب " لا تبكتنى بغضبك " .
التبكيت له بركات ، ويمكن أن ننتفع بها .
لكن يارب لا تبكت بغضبك ، ولا بسخطك .
X X X
ولنا مثال عجيب في تبكيت ربنا يسوع المسيح لبطرس الرسول : ذلك الذى أنكر ولعن وجدف ، وقال عن السيد المسيح لا أعرف الرجل . ولكن الرب بكته تبكيتاً خفيفاً هادئاً ، لا بغضبه ولا بسخطه . فقال له " يا سمعان بن يونا . أتحبني أكثر من هؤلاء ؟ ارع غنمي . ارع خرافي ... " وكرر السؤال ثلاث مرات ( يو21 : 15 – 17 ) . لم يذكره علنا بإنكاره وخطاياه . دون أن يجرحه ويحرجه .
إن الله لا يخدش مشاعر الناس ، ولا يجرح قلوبهم .
إلا في الضرورة القصوى . تماماً كالطبيب ، الذي بكل رقة يعالج المريض ، لا بقسوة ولا بسخط .
X X X
وكثير من الخطايا لم يبكت عليها الله ...
ابراهيم أبو الآباء مثلاً ، قال عن سارة أنها أخته . حتى أخذها أبيمالك ملك جرار إليه ... ( تك20 : 2 ) . ما هو التبكيت الذي أخذه من الرب . بكت أبيمالك ، ولم يبكت إبراهيم . صحيح أن إبراهيم ناله تبكيت من أبيمالك الذي قال له " ماذا فعلت بنا ، وبماذا أخطأت إليك ، حتى جلبت على وعلى مملكتي خطية عظيمة ؟! أعمالاً لا تعمل عملت بي " ( تك20 : 9 ) . ولكن الله لم يقل له شيئاً . كفي ما ناله .
المؤلف : قداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث .
الناشر : الكلية الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس .
الطبعة : الأولى – يونيو سنة 1995 .
المطبعة : الأنبا رويس الأوفست – العباسية – القاهرة .
رقم الإيداع بدار الكتب : 4646 / 95 .
I. S. B. N. 977 – 5345 – 26 – x
مقدمة
المزمور السادس من مزامير صلاة باكر .
وأيضاً هو من مزامير التوبة ، مثل إنسان في ضيقة : مثل المزمور 12 ( 13 ) " إلى متى يارب تنسانى " ومثل المزمور الثالث " يارب لماذا كثر الذين يحزنوني .. "
إنه يناسب من هو في ضيقة عادية من أعدائه ، ومن هو في تعب روحي من الخطية ومن الشيطان ... إنه يعبر عن مشاعر مكن أن تمر في قلوب كثيرين ، يطلبون الرحمة من الله . وقد اهتمت الكنيسة بهذا المزمور ، فكررته في بعض صلوات الأجبية : في صلاة باكر ، وفي صلاة الستار للرهبان ، وفي صلاة نصف الليل ... وهو أيضاً من المزامير التي تبدأ بشرح التعب ومشاكل الأعداء المضايقين ، ولكن تنتهى بالفرح . ويشعر المصلى أثناء صلاته أن الله قد قبلها وقد استجاب ، مما يدع إلى التهليل والتسبيح . يشبه في ذلك المزمور الثالث ، وأيضاً الثاني عشر . نفس الروح ، ونفس الاستجابة . ولقد قمت بإلقاء التأملات في هذا المزمور في أواخر سنة 1968 في الاجتماعات يوم الجمعة . وظل التأمل محفوظاً في الكاسيتات الصوتية ، إلي إن شاء الله أن يطبع بعد حوالي 27 عاماً ، ويصل إلى يديك أيها القارئ العزيز . وهو واحد من مزامير كانت موضع تأملاتنا في تلك الفترة . وقد نشرنا بعضها ، وأرجو أن يكون الباقي في طريقه إليك إن شاء الله .
أبريل 1995
البابا شنوده الثالث
(مز6 )
يارب لا تبكتني بغضبك ، ولا تؤدبني بسخطك ارحمني يارب لأنى ضعيف . أشفني فإن عظامي قد اضطربت ، ونفسي قد انزعجت جداً وأنت يارب فإلى متى . عد ونج نفسي ، و أحيني من أجل رحمتك . لأنه ليس في الموتى من يذكرك ، ولا في الجحيم من يعترف لك . تعبت في تنهدي . أعوم كل ليلة سريري ، وبدموعي أبل فراشي . تعكرت من الغضب عيناي . هزمت من سائر أعدائي . عدوا عني يا جميع فاعلي الإثم . لأن الرب قد صوت بكائي . الرب سمع تضرعي . الرب لصلاتي قبل . فليخز وليضطرب جداً جميع أعدائي . وليرتدوا إلى ورائهم بالخزى . هللويا .
يارب لتبكتني بغضبك
لا تبكتني بغضبك
هذا المزمور من مزامير التوبة والمشهورة .. ومن اهتمام الكنيسة به ، وصنعته في صلاة باكر ، وفي صلاة نصف الليل ، وفي صلاة الستار التي يصليها الرهبان . يقول داود في مقدمته :
" يارب لاتبكتنى بغضبك ، ولا تؤدبنى بسخطك " .
وهو هنا يعترف بخطيئته ، ويعترف بأنه يستحق التبكيت والتأديب ، إنما يطلب ألا يكون ذلك شديداً عليه . يقول للرب " لاتبكتنى بغضبك " ، لأنه إنسان ضعيف ، لا يحتمل غضب الله .. لو أدبتني يارب بغضبك ، يمكن أن تفنيني ، ولا تبقى علي . وهذا المعنى قاله أيضاً أرميا النبي " أدبنى يارب ، ولكن بالحق . لا بغضبك لئلا تفنيني " ( أر10 : 24 ) . هو لا يعفي نفسه من التبكيت ، ولكنه يقول : لا تبكتني بغضبك : لأنه " مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي " ( عب10 : 31 ) . عندما غضب الله غضبه شديدة على خطايا الناس ، أغرق العالم بالطوفان . ثم رجع وتحنن ، ووضع علامة حتي لا يعود يفني كل ذي جسد علي الأرض ( تك9 : 15 ) . ثم غضب غضبه أحرق بها مدينة سادوم ( تك19 ) . وغضب الرب على فرعون ، فأغرقه هو وكل جنوده في البحر الأحمر ( خر14 : 28 ) . وغضب الرب على قورح وداثان وابيرام ، فابتلعهم الأرض وهم أحياء ( عد16 : 32 ) .
X X X
ونحن نخطئ كل يوم . وربما تكون خطايانا في مثل خطايا أولئك الناس .
ونصرخ إلى الرب ونقول : لا تبكتنا بغضبك . لو عاملتنا يارب بغضبك ، فلن يخلص أحد . ونحن نصلى للرب في صلوات الصوم الكبير ، ونقول " لأنه إن عاملتنا يارب بعدلك ، فلن نجد حجة " . لذلك يقول داود للرب " لا تبكتنى بغضبك " .
التبكيت له بركات ، ويمكن أن ننتفع بها .
لكن يارب لا تبكت بغضبك ، ولا بسخطك .
X X X
ولنا مثال عجيب في تبكيت ربنا يسوع المسيح لبطرس الرسول : ذلك الذى أنكر ولعن وجدف ، وقال عن السيد المسيح لا أعرف الرجل . ولكن الرب بكته تبكيتاً خفيفاً هادئاً ، لا بغضبه ولا بسخطه . فقال له " يا سمعان بن يونا . أتحبني أكثر من هؤلاء ؟ ارع غنمي . ارع خرافي ... " وكرر السؤال ثلاث مرات ( يو21 : 15 – 17 ) . لم يذكره علنا بإنكاره وخطاياه . دون أن يجرحه ويحرجه .
إن الله لا يخدش مشاعر الناس ، ولا يجرح قلوبهم .
إلا في الضرورة القصوى . تماماً كالطبيب ، الذي بكل رقة يعالج المريض ، لا بقسوة ولا بسخط .
X X X
وكثير من الخطايا لم يبكت عليها الله ...
ابراهيم أبو الآباء مثلاً ، قال عن سارة أنها أخته . حتى أخذها أبيمالك ملك جرار إليه ... ( تك20 : 2 ) . ما هو التبكيت الذي أخذه من الرب . بكت أبيمالك ، ولم يبكت إبراهيم . صحيح أن إبراهيم ناله تبكيت من أبيمالك الذي قال له " ماذا فعلت بنا ، وبماذا أخطأت إليك ، حتى جلبت على وعلى مملكتي خطية عظيمة ؟! أعمالاً لا تعمل عملت بي " ( تك20 : 9 ) . ولكن الله لم يقل له شيئاً . كفي ما ناله .
الإنسان هو الوحيد الذي يكثر من التبكيت .
" والذي يكثر من التبكيت يخرب نفسه " كما قال الحكيم . ويخسر أصدقاءه كما هو عملي في الحياة . يارب لا تبكتني بغضبك . بكتني كما بكت بطرس وإن احتاج الأمر إلى غضب ، لا يدم غضب إلى الأبد . إننا نصلى إلى الله ونقول " أرفع عنا " . يتابع داود صلاته فيقول :
لا تؤدبني بسخطك
أدبني يارب ... فأي أبن لا يؤدبه أبوه ؟! ... والذين لا يقبلون التأديب هم نغول لا بنين ( عب12 : 8 ) . أدبني فإن التأديب نافع لي ، وأنا أستحقه ، لأنني فعلت ما يستوجب التأديب وأكثر . ولكن لا تؤدبني بسخطك بل أدبني حسبما أحتمل . وتأديبك يارب أنا أقبله برضا .
ارحمني يارب فإني ضعيف
( ارحمني ) هي اكثر كلمة مستعمله في الكنيسة وفي صلواتها . ولا توجد صلاة في رفع بخور باكر أو في رفع بخور عشية أو في المزامير ، إلا وفيها عبارة ( ارحمنا ) . . ونكررها مرات كثيرة في قولنا ( كيرياليصون ) ارحمني يارب فإني ضعيف ... وأيضاً لأن قلبك واسع يتسع لكل خطية .. أياً كان نوعها .
X X X
ارحمني يارب ، لأنك لو لم ترحمني أنت ، لا يمكن أن يرحمني أحد غيرك .
لو أن قلبك أنت قد أغلق ، لا أجد قلباً آخر . رحمتك هي الستر الذي أختبئ وراءه فلا تظهر خطاياي . رحمتك هي أساس الفداء . هي أسا س الخلاص .
X X X
ارحمني يارب تعنى حول خطاياي إلى رأس المسيح .
وهذا الذبيح المخلص ، يمحو خطاياي بدمه الكريم . إن كان داود قد قال ( ارحمني ) قبل الفداء ، وله رجاء كبير أن هذا الفداء سيحدث . فنحن لنا رجاء أعظم بعد أن تم الفداء ... إذن يارب احسبني ضمن الذين سفكت دمك من أجلهم . ارحمني يارب فإنى ضعيف . أشفني فإن عظامي قد أضربت ونفسي قد انزعجت جداً .
X X X
فرق كبير بين داود العنيف وداود الضعيف .
بين داود الذى أستل سيفه ، وطلب من عبيده أن يستلوا أيضاً سيوفهم ، ليمضى ويقتل نابال الكرملى ، إذ لم يعطه شيئاً يوم جز الغنم ( 1صم25 : 13 ، 22 ) وقال كلاماً صعباً ، جعل أبيجايل تأتي بسرعة لإنقاذ الموقف .. كان كذلك في عنفه . وأجازه الله في التجربة . ثم أخطأ داود ، وتذلل وتأب ، وبلل فراشه بدموعه . وعرف هذا الملك الجبار ، وهذا القائد العظيم ، وهذا النبى الكبير ، أنه يمكن أن يوجد في داخله قلب ضعيف يمكن أن يشتهي ويسقط .
وهكذا تذلل وقال ارحمني يارب فإني ضعيف .
أنا لست داود ، الذي استطاع في قوة أن يقتل جليات ، ولست داود الذي هدد نابال الكرملي . أنا الآن رجل ضعيف أمامك . فأرحمني يارب .
الله مع الضعفاء
ودائماً الرب يرحم الضعفاء .
أما الشخص الجبار العنيف القاسي الشديد ، يكون بعيداً عن رحمة الله . إلهنا هو إله الضعفاء . " اختار الله ضعفاء العالم ، ليخزى بهم الأقوياء " ( 1كو1 : 27 ) . القوي يعتمد على قوته . أما الضعيف فهو الذى يقف الله إلى جواره .
X X X
حتى الأقوياء الذين اختارهم الله .
كانوا يقفون أمامه كضعفاء . كل واحد منهم يقول له " ارحمني يا الله لأنى ضعيف " . خذوا مثلاً يرينا أهمية الشعور بالضعيف : إيليا النبى الجبار العنيف ، الذي قال تنزل نار من السماء وتأكل الخمسين ( 2مل1 : 10 ) . إيليا الذي أمسك أنبياء البعل والسواري أربع مائة وخمسين وذبحهم ( 1مل18 : 40 ) . وكأن الله يقول لإيليا : هذه الشدة من الجائز أن تتبعك يا ابني ... فماذا فعل الله : سمح أن إيزابل الملكة تهدد إيليا . فخاف إيليا وذهب إلى البرية . ولاقاه الله هناك . وقال له ما لم هنا يا إيليا ؟ فقال له في خوف : قتلوا أنبياءك بالسيف وبقيت أنا وحدي . وهم يريدون نفسي ليأخذوها ( 1مل19 : 14 ) .. أخيراً أمكن أن تخاف يا إيليا .. !!
X X X
وحتى الجبابرة يسمح لهم الله أحياناً أن يخافوا أو يضعفوا ، لأنه يريد القلب المنسحق المتخشع ...
الإنسان الذى يقف مسكيناً أمام الله ، هو الذي يستطيع أن يقف في قوة أمام الناس .. أما الذين يشعرون في أنفسهم أنهم جبابرة : فهؤلاء يبعد عنهم .
X X X
هناك آيات عن هذا الموضوع في أشعياء النبى في الإصحاح الثاني . قال :
" إن لرب الجنود يوماً علي كل متعظم وعال ، وعلي كل مرتفع فيوضع . وعلي كل أرز لبنان العالي ، وعلى كل بلوط باشان . وعلى كل الجبال العالية ، وعلى كل التلال المرتفعة . وعلى كل برج عال ، وعلى كل سور منيع ...
فيخفض تشامخ الإنسان ، وتوضع رفعة الناس . ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم " ( أش2 : 12 – 17 ) .
X X X
الناس الجبابرة المعتزون بقوتهم ، والمعتزون بسلطاتهم ، والمعتزون بعنفهم .. يري كل منهم أنه يستطيع أن يضرب ، ويستطيع أن يذل غيره ـ ويستطيع أن يعاقب ويسيطر . يا خوف هذا الإنسان من هذه الآية التي تقول " إن لرب الجنود يوماً على كل متعظم وعال ، يخفض تشامخ الإنسان ، وتوضع رفعة الناس ، ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم " .. كلام له عمقه وله موسيقاه .. هذا الشخص العالي المتشامخ ، يجب أن ينسحق أمام الله ، ويقول له : ارحمني يارب فإني ضعيف ... قد تكون برجاً عالياً في وظيفتك . قد تكون أرز لبنان أمام الناس . ولكن ينبغى أن تتضع وتقول ارحمني يارب فإنى ضعيف . لأن الرب قادر أن يحق أرز لبنان ، وقادر أن يقطع بلوط باشان ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم...
X X X
الواقع يا أخوتي ، إننا حينما نتتبع معاملات السيد المسيح للناس ، نجده حنوناً جداً ورقيقاً جداً على الضعفاء والمساكين ، ونجده شديداً في معامله العنفاء .
لم يقف المسيح أبداً ضد إنسان مسكين . كان يجمع الضعفاء ويحتضنهم ويشفق عليهم .
X X X
المرأة المضبوطة في ذات الفعل ، أنقذها وقال لها " . وأنا أيضاً لا أدينك . اذهبى ولا تخطئي أيضاً ( يو8 : 11 ) . يكفيها ما نالته من الذل والفضيحة . أما العنفاء الذين شهروا بها ، وجروها للحكم ، فإنه كتب لهم أخطاءهم علي الأرض . وقال لهم " من كان منكم بلا خطية ، فليرمها أولاً بحجر " ( يو8 : 7 ) . فبدءوا بخزي ينصرفون الواحد تلو الآخر . فلماذا انصرفوا في خزي ؟ لآن الرب نفذ نفس الآيه " يخفض تشامخ الإنسان ، وتضع رفعة الناس .. " فكأنه يقول لهم " اخفضوا رؤؤسكم بعض الشيء ، وكفى تشامخاً ، فأنتم أيضاً خطاه تحت الحكم .. ! كفي سعياً وراء رجم هذه المرأة أو غيرها .. فكل واحد منكم محتاج أن يقول : ارحمني يارب فإنى ضعيف ...
X X X
إن كنت تريد أن يرحمك الله لأنك ضعيف ، ارحم الضعفاء .
" والذي يكثر من التبكيت يخرب نفسه " كما قال الحكيم . ويخسر أصدقاءه كما هو عملي في الحياة . يارب لا تبكتني بغضبك . بكتني كما بكت بطرس وإن احتاج الأمر إلى غضب ، لا يدم غضب إلى الأبد . إننا نصلى إلى الله ونقول " أرفع عنا " . يتابع داود صلاته فيقول :
لا تؤدبني بسخطك
أدبني يارب ... فأي أبن لا يؤدبه أبوه ؟! ... والذين لا يقبلون التأديب هم نغول لا بنين ( عب12 : 8 ) . أدبني فإن التأديب نافع لي ، وأنا أستحقه ، لأنني فعلت ما يستوجب التأديب وأكثر . ولكن لا تؤدبني بسخطك بل أدبني حسبما أحتمل . وتأديبك يارب أنا أقبله برضا .
ارحمني يارب فإني ضعيف
( ارحمني ) هي اكثر كلمة مستعمله في الكنيسة وفي صلواتها . ولا توجد صلاة في رفع بخور باكر أو في رفع بخور عشية أو في المزامير ، إلا وفيها عبارة ( ارحمنا ) . . ونكررها مرات كثيرة في قولنا ( كيرياليصون ) ارحمني يارب فإني ضعيف ... وأيضاً لأن قلبك واسع يتسع لكل خطية .. أياً كان نوعها .
X X X
ارحمني يارب ، لأنك لو لم ترحمني أنت ، لا يمكن أن يرحمني أحد غيرك .
لو أن قلبك أنت قد أغلق ، لا أجد قلباً آخر . رحمتك هي الستر الذي أختبئ وراءه فلا تظهر خطاياي . رحمتك هي أساس الفداء . هي أسا س الخلاص .
X X X
ارحمني يارب تعنى حول خطاياي إلى رأس المسيح .
وهذا الذبيح المخلص ، يمحو خطاياي بدمه الكريم . إن كان داود قد قال ( ارحمني ) قبل الفداء ، وله رجاء كبير أن هذا الفداء سيحدث . فنحن لنا رجاء أعظم بعد أن تم الفداء ... إذن يارب احسبني ضمن الذين سفكت دمك من أجلهم . ارحمني يارب فإنى ضعيف . أشفني فإن عظامي قد أضربت ونفسي قد انزعجت جداً .
X X X
فرق كبير بين داود العنيف وداود الضعيف .
بين داود الذى أستل سيفه ، وطلب من عبيده أن يستلوا أيضاً سيوفهم ، ليمضى ويقتل نابال الكرملى ، إذ لم يعطه شيئاً يوم جز الغنم ( 1صم25 : 13 ، 22 ) وقال كلاماً صعباً ، جعل أبيجايل تأتي بسرعة لإنقاذ الموقف .. كان كذلك في عنفه . وأجازه الله في التجربة . ثم أخطأ داود ، وتذلل وتأب ، وبلل فراشه بدموعه . وعرف هذا الملك الجبار ، وهذا القائد العظيم ، وهذا النبى الكبير ، أنه يمكن أن يوجد في داخله قلب ضعيف يمكن أن يشتهي ويسقط .
وهكذا تذلل وقال ارحمني يارب فإني ضعيف .
أنا لست داود ، الذي استطاع في قوة أن يقتل جليات ، ولست داود الذي هدد نابال الكرملي . أنا الآن رجل ضعيف أمامك . فأرحمني يارب .
الله مع الضعفاء
ودائماً الرب يرحم الضعفاء .
أما الشخص الجبار العنيف القاسي الشديد ، يكون بعيداً عن رحمة الله . إلهنا هو إله الضعفاء . " اختار الله ضعفاء العالم ، ليخزى بهم الأقوياء " ( 1كو1 : 27 ) . القوي يعتمد على قوته . أما الضعيف فهو الذى يقف الله إلى جواره .
X X X
حتى الأقوياء الذين اختارهم الله .
كانوا يقفون أمامه كضعفاء . كل واحد منهم يقول له " ارحمني يا الله لأنى ضعيف " . خذوا مثلاً يرينا أهمية الشعور بالضعيف : إيليا النبى الجبار العنيف ، الذي قال تنزل نار من السماء وتأكل الخمسين ( 2مل1 : 10 ) . إيليا الذي أمسك أنبياء البعل والسواري أربع مائة وخمسين وذبحهم ( 1مل18 : 40 ) . وكأن الله يقول لإيليا : هذه الشدة من الجائز أن تتبعك يا ابني ... فماذا فعل الله : سمح أن إيزابل الملكة تهدد إيليا . فخاف إيليا وذهب إلى البرية . ولاقاه الله هناك . وقال له ما لم هنا يا إيليا ؟ فقال له في خوف : قتلوا أنبياءك بالسيف وبقيت أنا وحدي . وهم يريدون نفسي ليأخذوها ( 1مل19 : 14 ) .. أخيراً أمكن أن تخاف يا إيليا .. !!
X X X
وحتى الجبابرة يسمح لهم الله أحياناً أن يخافوا أو يضعفوا ، لأنه يريد القلب المنسحق المتخشع ...
الإنسان الذى يقف مسكيناً أمام الله ، هو الذي يستطيع أن يقف في قوة أمام الناس .. أما الذين يشعرون في أنفسهم أنهم جبابرة : فهؤلاء يبعد عنهم .
X X X
هناك آيات عن هذا الموضوع في أشعياء النبى في الإصحاح الثاني . قال :
" إن لرب الجنود يوماً علي كل متعظم وعال ، وعلي كل مرتفع فيوضع . وعلي كل أرز لبنان العالي ، وعلى كل بلوط باشان . وعلى كل الجبال العالية ، وعلى كل التلال المرتفعة . وعلى كل برج عال ، وعلى كل سور منيع ...
فيخفض تشامخ الإنسان ، وتوضع رفعة الناس . ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم " ( أش2 : 12 – 17 ) .
X X X
الناس الجبابرة المعتزون بقوتهم ، والمعتزون بسلطاتهم ، والمعتزون بعنفهم .. يري كل منهم أنه يستطيع أن يضرب ، ويستطيع أن يذل غيره ـ ويستطيع أن يعاقب ويسيطر . يا خوف هذا الإنسان من هذه الآية التي تقول " إن لرب الجنود يوماً على كل متعظم وعال ، يخفض تشامخ الإنسان ، وتوضع رفعة الناس ، ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم " .. كلام له عمقه وله موسيقاه .. هذا الشخص العالي المتشامخ ، يجب أن ينسحق أمام الله ، ويقول له : ارحمني يارب فإني ضعيف ... قد تكون برجاً عالياً في وظيفتك . قد تكون أرز لبنان أمام الناس . ولكن ينبغى أن تتضع وتقول ارحمني يارب فإنى ضعيف . لأن الرب قادر أن يحق أرز لبنان ، وقادر أن يقطع بلوط باشان ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم...
X X X
الواقع يا أخوتي ، إننا حينما نتتبع معاملات السيد المسيح للناس ، نجده حنوناً جداً ورقيقاً جداً على الضعفاء والمساكين ، ونجده شديداً في معامله العنفاء .
لم يقف المسيح أبداً ضد إنسان مسكين . كان يجمع الضعفاء ويحتضنهم ويشفق عليهم .
X X X
المرأة المضبوطة في ذات الفعل ، أنقذها وقال لها " . وأنا أيضاً لا أدينك . اذهبى ولا تخطئي أيضاً ( يو8 : 11 ) . يكفيها ما نالته من الذل والفضيحة . أما العنفاء الذين شهروا بها ، وجروها للحكم ، فإنه كتب لهم أخطاءهم علي الأرض . وقال لهم " من كان منكم بلا خطية ، فليرمها أولاً بحجر " ( يو8 : 7 ) . فبدءوا بخزي ينصرفون الواحد تلو الآخر . فلماذا انصرفوا في خزي ؟ لآن الرب نفذ نفس الآيه " يخفض تشامخ الإنسان ، وتضع رفعة الناس .. " فكأنه يقول لهم " اخفضوا رؤؤسكم بعض الشيء ، وكفى تشامخاً ، فأنتم أيضاً خطاه تحت الحكم .. ! كفي سعياً وراء رجم هذه المرأة أو غيرها .. فكل واحد منكم محتاج أن يقول : ارحمني يارب فإنى ضعيف ...
X X X
إن كنت تريد أن يرحمك الله لأنك ضعيف ، ارحم الضعفاء .
تقول
له : ارحمني يارب فإنى ضعيف . فيجيبك : أين هو هذا الضعف : هل في هذا
الانتفاخ والعظمة ضعف ؟! هل في هذا الجبروت ضعف ؟ .. حينما تكون ضعيفاً ،
حينئذ سأرحمك .. هل يستطيع أحد أن يقول : ارحمني يارب أنا الجبار ! ارحمني
يارب أنا البار ! كلا ، إن هذا الأسلوب لا ينفع في طلبك الرحمة من الله .
X X X
تذلل داود أمام الله . وكأنه يقول :
لست أنا الجبار الذي قتل جليات ، بل أنا الضعيف الذي قتلته الخطية مع بثشبع .
وقتلت النقاوة التي فيه ، وإن كان الله فيما بعد قد أعاد له بهجة خلاصه .
X X X
كان السيد المسيح رفيقاً بالخطاة والعشارين ، رفيقاً بتلك المرأة التي بللت قدميه بدموعها ، أكثر من الفريسي البار في عيني نفسه ، الذى أدانها في فكره . إن الله لم يوبخها علي خطية واحدة ، بل ذكر لها محبتها وانسحاقها ، وقال لها مغفورة لك خطاياك . أما ذلك الفريسى المتكبر فقد كشف له الرب أن تلك المرأة الخاطئة كانت أفضل منه ( لو7 : 36 – 48 ) . فلا داعي إذن للعجرفة ، وكان أولى به أن يقول كما في المزمور " ارحمنى يارب ف أن يقول كما في المزمور " ارحمنى يارب فإنى ضعيف " . ولأنه لم يكن ضعيفاً وقتذاك ، لذلك وبخه الرب . وقال له : " دخلت بيتك ، وماء لرجلي لم تعط .. بقلة فمي ... بالزيت لم تدهن رأسي " .
لم تقم بشئ من واجبات الضيافة والمحبة ،ن وكل عملك كان أن تدين في قلبك . لذلك ينبغي أن يخفض تشامخ الإنسان ، وتوضع رفعة الناس ، ويسمو الرب وحده " .
X X X
وكان السيد المسيح رفيقاً بالعشار المعترف بخطيته الذي يطلب الرحمة لنفسه ،
أكثر من ذلك الفريسى الذي وقف يفتخر بفضائله في صلواته ، فخرج العشار مبرراً دون ذلك الفريسى ( لو18 : 9 – 14 ) .
X X X
وكان السيد المسيح أيضاً رفيقاً بالأمميين ، وبالسامرين ، وبالمولود أعمى الذي أخرجوا خارج المجمع ، فقابله وأظهر له ذاته ودعاه إلى الإيمان ( يو9 : 35 – 38 ) . أما العنفاء فإن الرب يتركهم إلى أن يتركوا عنفهم ، ويحاول أن يهديهم . لقد وبخ الكهنة والشيوخ ، وكذلك وبخهم علي شدتهم ، فقال لهم : " ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون ، لأنكم تغفلون ملكوت السموات قدام الناس . فلا تدخلون أنتم ، ولا تجعلون الداخلين يدخلون " " أنكم تركتم أثقل الناموس : الحق والرحمة والإيمان " ( مت23 : 13 ، 23 ) . ووبخهم أيضاً علي قسوتهم لأنهم قتلوا الأنبياء " ( مت23 : 31 ) . وبخهم كذلك " لأنهم يحزمون أحمالاً ثقيلة عثرة الحمل ويضعونها علي أكتاف الناس ، وهم لا يريدون أن يحركوها بإصبعهم " ( مت23 : 4 ) .
X X X
ولكن أليست هذه الوصايا الثقيلة ، هي وصاياك أنت يارب ؟
يقول : كلا ، إن وصاياي ليست ثقيلة ( 1يو5 : 3 ) أنا " نيري هين وحملي خفيف " 0 مت11 : 30 ) . أنا لا أضع أحمالاً ثقيلة علي الناس . إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقولها لكم . ولكن لا تستطيعون الآن أن تحتملوا " ( يو16 : 12 ) . إذن لا داعي لها حالياً .
X X X
وهكذا كان رسل الرب بنفس منهجه . حينما اجتمعوا معاً في مجمعهم بأورشليم من أجل قبول الأمم ، قالوا : " لا نثقل علي الراجعين إلى الله من الأمم . بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم " ( أع15 : 19 ، 20 ، 28 ) .وبولس الرسول الطيب الذي لا يريد أيضاً أن يثقل علي الناس ، قال " لم أستطيع أن أكلمكم كروحين ، بل كجسدين ، كأطفال في المسيح " سبقتكم لبناً لا طعاماً ، لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون " ( 1كو3 : 1 ، 2 ) .
X X X
لقد اختار الرب يعقوب الضعيف أكثر من عيسو العنيف . واختار يوسف الضعيف الذي تآمر أخوته عليه ، وباعوا كعبد .
أختار يعقوب الذي كان يصرخ له ويقول " صغير أنا عن جميع ألطافك وعن جميع الأمانة التي صنعت إلى عبدك .. نجني من يد أخي ، من عيسو ، لأنى خائف منه أن يأتى ، ويضربني الأم مع البنين " ( تك32 : 10 ، 11 ) . وهكذا قيل إن الله أحب يعقوب وأبغض عيسو ( رو9 : 13 ) . وقيل لأمه قبل أن يولدا أن الكبير يستعبد للصغير ( تك25 : 23 ) ( رو9 : 12 ) .
X X X
وكان الرب مع يوسف الصغير ، الذي ألقاه أخوته فى البئر ثم باعوه للإسماعيليين ( تك37 : 20 ، 29 ) . يوسف الضعيف أمام مؤامرة إمراة فوطيفار ، الذي طرح في السجن ظلماً ( تك39 : 29 ، 20 ) ... يوسف هذا رفعه الرب ، وجعله أباً لفرعون ، وسيداً لكل بيته
، ومتسلطاً علي كل أرض مصر " ( تك45 : 8 ) . وهكذا نصره الله علي اخوته الضعفاء الذين باعوه ، وجعلهم يأتون ويسجدون أمامه ( تك43 : 26 ، 28 ) .
X X X
تذلل داود أمام الله . وكأنه يقول :
لست أنا الجبار الذي قتل جليات ، بل أنا الضعيف الذي قتلته الخطية مع بثشبع .
وقتلت النقاوة التي فيه ، وإن كان الله فيما بعد قد أعاد له بهجة خلاصه .
X X X
كان السيد المسيح رفيقاً بالخطاة والعشارين ، رفيقاً بتلك المرأة التي بللت قدميه بدموعها ، أكثر من الفريسي البار في عيني نفسه ، الذى أدانها في فكره . إن الله لم يوبخها علي خطية واحدة ، بل ذكر لها محبتها وانسحاقها ، وقال لها مغفورة لك خطاياك . أما ذلك الفريسى المتكبر فقد كشف له الرب أن تلك المرأة الخاطئة كانت أفضل منه ( لو7 : 36 – 48 ) . فلا داعي إذن للعجرفة ، وكان أولى به أن يقول كما في المزمور " ارحمنى يارب ف أن يقول كما في المزمور " ارحمنى يارب فإنى ضعيف " . ولأنه لم يكن ضعيفاً وقتذاك ، لذلك وبخه الرب . وقال له : " دخلت بيتك ، وماء لرجلي لم تعط .. بقلة فمي ... بالزيت لم تدهن رأسي " .
لم تقم بشئ من واجبات الضيافة والمحبة ،ن وكل عملك كان أن تدين في قلبك . لذلك ينبغي أن يخفض تشامخ الإنسان ، وتوضع رفعة الناس ، ويسمو الرب وحده " .
X X X
وكان السيد المسيح رفيقاً بالعشار المعترف بخطيته الذي يطلب الرحمة لنفسه ،
أكثر من ذلك الفريسى الذي وقف يفتخر بفضائله في صلواته ، فخرج العشار مبرراً دون ذلك الفريسى ( لو18 : 9 – 14 ) .
X X X
وكان السيد المسيح أيضاً رفيقاً بالأمميين ، وبالسامرين ، وبالمولود أعمى الذي أخرجوا خارج المجمع ، فقابله وأظهر له ذاته ودعاه إلى الإيمان ( يو9 : 35 – 38 ) . أما العنفاء فإن الرب يتركهم إلى أن يتركوا عنفهم ، ويحاول أن يهديهم . لقد وبخ الكهنة والشيوخ ، وكذلك وبخهم علي شدتهم ، فقال لهم : " ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون ، لأنكم تغفلون ملكوت السموات قدام الناس . فلا تدخلون أنتم ، ولا تجعلون الداخلين يدخلون " " أنكم تركتم أثقل الناموس : الحق والرحمة والإيمان " ( مت23 : 13 ، 23 ) . ووبخهم أيضاً علي قسوتهم لأنهم قتلوا الأنبياء " ( مت23 : 31 ) . وبخهم كذلك " لأنهم يحزمون أحمالاً ثقيلة عثرة الحمل ويضعونها علي أكتاف الناس ، وهم لا يريدون أن يحركوها بإصبعهم " ( مت23 : 4 ) .
X X X
ولكن أليست هذه الوصايا الثقيلة ، هي وصاياك أنت يارب ؟
يقول : كلا ، إن وصاياي ليست ثقيلة ( 1يو5 : 3 ) أنا " نيري هين وحملي خفيف " 0 مت11 : 30 ) . أنا لا أضع أحمالاً ثقيلة علي الناس . إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقولها لكم . ولكن لا تستطيعون الآن أن تحتملوا " ( يو16 : 12 ) . إذن لا داعي لها حالياً .
X X X
وهكذا كان رسل الرب بنفس منهجه . حينما اجتمعوا معاً في مجمعهم بأورشليم من أجل قبول الأمم ، قالوا : " لا نثقل علي الراجعين إلى الله من الأمم . بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم " ( أع15 : 19 ، 20 ، 28 ) .وبولس الرسول الطيب الذي لا يريد أيضاً أن يثقل علي الناس ، قال " لم أستطيع أن أكلمكم كروحين ، بل كجسدين ، كأطفال في المسيح " سبقتكم لبناً لا طعاماً ، لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون " ( 1كو3 : 1 ، 2 ) .
X X X
لقد اختار الرب يعقوب الضعيف أكثر من عيسو العنيف . واختار يوسف الضعيف الذي تآمر أخوته عليه ، وباعوا كعبد .
أختار يعقوب الذي كان يصرخ له ويقول " صغير أنا عن جميع ألطافك وعن جميع الأمانة التي صنعت إلى عبدك .. نجني من يد أخي ، من عيسو ، لأنى خائف منه أن يأتى ، ويضربني الأم مع البنين " ( تك32 : 10 ، 11 ) . وهكذا قيل إن الله أحب يعقوب وأبغض عيسو ( رو9 : 13 ) . وقيل لأمه قبل أن يولدا أن الكبير يستعبد للصغير ( تك25 : 23 ) ( رو9 : 12 ) .
X X X
وكان الرب مع يوسف الصغير ، الذي ألقاه أخوته فى البئر ثم باعوه للإسماعيليين ( تك37 : 20 ، 29 ) . يوسف الضعيف أمام مؤامرة إمراة فوطيفار ، الذي طرح في السجن ظلماً ( تك39 : 29 ، 20 ) ... يوسف هذا رفعه الرب ، وجعله أباً لفرعون ، وسيداً لكل بيته
، ومتسلطاً علي كل أرض مصر " ( تك45 : 8 ) . وهكذا نصره الله علي اخوته الضعفاء الذين باعوه ، وجعلهم يأتون ويسجدون أمامه ( تك43 : 26 ، 28 ) .
ووقف الله مع موسى الضعيف .
موسى الثقيل الفم واللسان ، وقف الله معه ضد فرعون الجبار ونصره عليه . موسى هذا الذي قال لله " أنا لست صاحب كلام منذ أمس ولا قبلاً من أمس " ( خر4 : 10 ) " من أنا حتى أذهب إلى فرعون ؟ " وحتى أخرج بني إسرائيل من مصر ؟!
( خر3 : 11 ) ، كيف يسمعني فرعون ، وأنا أغلف الشفتين ؟! " ( خر6 : 12 ) . موسى هذا الحليم الوديع ، الذي قال عنه الكتاب " وكان الرجل موسى حليماً جداً أكثر من جميع الناس الذين علي وجه الأرض " ( عد12 : 3 ) .
موسى هذا ، قال له الله " جعلتك إلهاً لفرعون " ( خر7 : 1 ) . أي سيداً له . وقال له عن أخيه هارون " تكلمه وتضع الكلمات في فمه .. هو يكون لك فماً ، وأنت تكون له إلهاً " ( خر4 : 15 ، 16 ) . أي مصدر الوحي الذي يوحي إليه بما يقوله من كلام . بل كان الله مع موسى ضد أخويه هارون ومريم ، لما تقولا عليه بعد زواجه من المرأة الكوشية ، فدافع الرب عنه . وقال إنه " أمين علي كل بيتي . فماً إلى فم ، وعيناً أتكلم معه " ( عد12 : 7 ) . وضرب مريم بالبرص لأنها تقولت عليه ...
X X X
من من الناس يستطيع أن يضع في كفتى ميزان : موسى الضعيف وفرعون العنيف ؟!
ويقول من من هذين الإنثين يغلب ؟!
فرعون في الخطوات الأولي استخدم سلطته وعنفه حسبما شاء ، وأذل الشعب ، حتى استاءوا من تدخل موسى لأجلهم . وفي كبرياء قال فرعون " من هو الرب حتى أسمع لقوله وأطلق إسرائيل ؟! لا أعرف الرب ، وإسرائيل لا أطلقه " ( خر5 : 2 ) . أما عن النهاية : موسى الهادئ الضعيف المسكين ، انتصر على جبروت فرعون .
X X X
وهكذا الثلاثة فتية المساكين ، الذين حملوهم بكل عنف وألقوهم موثقين في النار .
هؤلاء الصغار كان الرب معهم في النار ، وشعرة من رؤؤسهم لم تحترق ، ورائحة النار لم تأت عليهم . بينما لهيب النار المتقدة أحرق العنفاء الذين ألقوهم في النار ... ولما أخرجوهم قال نبوخذ نصر " تبارك إله شدرخ وميشخ وعبدنغو ، الذي أرسل ملاكه وأنقذ عبيده " .. ورفع مركزهم في ولاية بابل ( دا3 : 28 ، 30 ) .
X X X
وبالمثل أنقذ الرب دانيال الضعيف الذي ألقوه المتآمرون القساة في جب الأسود . أما الذين اشتكوا عليه ظلماً ، فقد أمر الملك داريوس أن " يطرحوهم فيجب الأسود هم وأولادهم ونساءهم . ولم يصلوا إلى أسفل الجب ، حتى بطشت بهم الأسود ، وسحقت كل عظامهم ( دا6 : 20 – 24 ) .
X X X
كان الله أيضاً مع داود الفتي الضعيف ، حينما وقف جليات الرجل الجبار .
هذا الجبار لما رأى داود ، احتقره وهزأ به ، وحسبه طفلاً . أما داود فكان يضع الحصاه في المقلاع ، وكل نقطة من دمه تصرخ إلى الله بعبارة : ارحمني يارب فإني ضعيف . وكان الله مع ضعفه ، ونصره علي جليات . لأن الحرب للرب كما قال داود ، وكما قال لجليات " أنا آتيك باسم رب الجنود . " " اليوم يحسبك الرب في يدي " ( 1صم17 : 45 – 47 ) .
X X X
القديس الأنبا أنطونيوس الكبير يستخدم كلمة ( ضعيف ) .
حينما كانت تهجم عليه الشياطين في البرية ، كان يقول لهم : أيها الأقوياء ، ماذا تريدون مني أنا الضعيف ؟ .. أنا أضعف من أن أقاتل أصغركم " . فلما كانوا يسعون هذه الصلوات المملوءة إتضاعاً ، كانوا ينقشعون مثل الدخان . أما في أعماقه فكانت عبارة " أرحمني يارب فإني ضعيف " .
X X X
أنا يارب ضعيف أمامك .
وضعيف أمام الشيطان ، الذي هو " مثل أسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو " ( 1بط5 : 8 ) . إنما قوتي بك . " قوتي وتسبحتي هو الرب ، وقد صار لي خلاصاً " ( مز118 : 14 ) . وأنا ضعيف أمام نفسى . لذلك أطلب دائماً معونتك . وأنا ضعيف أمام الناس ، أمام الأعزاء الذين طلبوا نفسى ، ولم يسبقوا أن يجعلوا أمامهم " ( مز54 : 2 ) . لذلك ارحمني يارب فإني ضعيف .
X X X
إذن فليحترس كل واحد منكم يا أخوتي ، إن وجد نفسه في مركز قوة أو في حالة عنف . أو في موقف اعتداد بالذات كمن يقول : أنا سأعمل ، أنا سوف أودب . سوف ألقي عليهم درساً .
احترس يا أخي ، إذا سلطان إلى يدك . احترس لنفسك ، واحترس من نفسك . ارفض استخدام القوة ، واستخدام السلطة ، واستخدام العنف . بل في صلاتك قل :
ارحمني يارب فإني ضعيف . لا تدفع أحداً إلى يدي ، ولا تدفعني ليد أحد . قبل أن أقول : لا تعط لإنسان قوة يدوس بها علي ، أقول لا تعطني يارب قوة أدوس بها علي غيري . أعطنى باستمرار أن أكون مظلوماً . ومصلوباً لا صالباً ، ومغلوباً . لأنك حينئذ ستكون معي . لا تعطني أن أكون منتصراً علي الناس ، بل أكون منتصراً علي نفسى ، أمامك . فليخف كل واحد من القوة والعظمة والجبروت ، فأن لرب الجنود يوماً علي كل متعظم وعال ، وعلي كل مرتفع فيوضع ...
موسى الثقيل الفم واللسان ، وقف الله معه ضد فرعون الجبار ونصره عليه . موسى هذا الذي قال لله " أنا لست صاحب كلام منذ أمس ولا قبلاً من أمس " ( خر4 : 10 ) " من أنا حتى أذهب إلى فرعون ؟ " وحتى أخرج بني إسرائيل من مصر ؟!
( خر3 : 11 ) ، كيف يسمعني فرعون ، وأنا أغلف الشفتين ؟! " ( خر6 : 12 ) . موسى هذا الحليم الوديع ، الذي قال عنه الكتاب " وكان الرجل موسى حليماً جداً أكثر من جميع الناس الذين علي وجه الأرض " ( عد12 : 3 ) .
موسى هذا ، قال له الله " جعلتك إلهاً لفرعون " ( خر7 : 1 ) . أي سيداً له . وقال له عن أخيه هارون " تكلمه وتضع الكلمات في فمه .. هو يكون لك فماً ، وأنت تكون له إلهاً " ( خر4 : 15 ، 16 ) . أي مصدر الوحي الذي يوحي إليه بما يقوله من كلام . بل كان الله مع موسى ضد أخويه هارون ومريم ، لما تقولا عليه بعد زواجه من المرأة الكوشية ، فدافع الرب عنه . وقال إنه " أمين علي كل بيتي . فماً إلى فم ، وعيناً أتكلم معه " ( عد12 : 7 ) . وضرب مريم بالبرص لأنها تقولت عليه ...
X X X
من من الناس يستطيع أن يضع في كفتى ميزان : موسى الضعيف وفرعون العنيف ؟!
ويقول من من هذين الإنثين يغلب ؟!
فرعون في الخطوات الأولي استخدم سلطته وعنفه حسبما شاء ، وأذل الشعب ، حتى استاءوا من تدخل موسى لأجلهم . وفي كبرياء قال فرعون " من هو الرب حتى أسمع لقوله وأطلق إسرائيل ؟! لا أعرف الرب ، وإسرائيل لا أطلقه " ( خر5 : 2 ) . أما عن النهاية : موسى الهادئ الضعيف المسكين ، انتصر على جبروت فرعون .
X X X
وهكذا الثلاثة فتية المساكين ، الذين حملوهم بكل عنف وألقوهم موثقين في النار .
هؤلاء الصغار كان الرب معهم في النار ، وشعرة من رؤؤسهم لم تحترق ، ورائحة النار لم تأت عليهم . بينما لهيب النار المتقدة أحرق العنفاء الذين ألقوهم في النار ... ولما أخرجوهم قال نبوخذ نصر " تبارك إله شدرخ وميشخ وعبدنغو ، الذي أرسل ملاكه وأنقذ عبيده " .. ورفع مركزهم في ولاية بابل ( دا3 : 28 ، 30 ) .
X X X
وبالمثل أنقذ الرب دانيال الضعيف الذي ألقوه المتآمرون القساة في جب الأسود . أما الذين اشتكوا عليه ظلماً ، فقد أمر الملك داريوس أن " يطرحوهم فيجب الأسود هم وأولادهم ونساءهم . ولم يصلوا إلى أسفل الجب ، حتى بطشت بهم الأسود ، وسحقت كل عظامهم ( دا6 : 20 – 24 ) .
X X X
كان الله أيضاً مع داود الفتي الضعيف ، حينما وقف جليات الرجل الجبار .
هذا الجبار لما رأى داود ، احتقره وهزأ به ، وحسبه طفلاً . أما داود فكان يضع الحصاه في المقلاع ، وكل نقطة من دمه تصرخ إلى الله بعبارة : ارحمني يارب فإني ضعيف . وكان الله مع ضعفه ، ونصره علي جليات . لأن الحرب للرب كما قال داود ، وكما قال لجليات " أنا آتيك باسم رب الجنود . " " اليوم يحسبك الرب في يدي " ( 1صم17 : 45 – 47 ) .
X X X
القديس الأنبا أنطونيوس الكبير يستخدم كلمة ( ضعيف ) .
حينما كانت تهجم عليه الشياطين في البرية ، كان يقول لهم : أيها الأقوياء ، ماذا تريدون مني أنا الضعيف ؟ .. أنا أضعف من أن أقاتل أصغركم " . فلما كانوا يسعون هذه الصلوات المملوءة إتضاعاً ، كانوا ينقشعون مثل الدخان . أما في أعماقه فكانت عبارة " أرحمني يارب فإني ضعيف " .
X X X
أنا يارب ضعيف أمامك .
وضعيف أمام الشيطان ، الذي هو " مثل أسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو " ( 1بط5 : 8 ) . إنما قوتي بك . " قوتي وتسبحتي هو الرب ، وقد صار لي خلاصاً " ( مز118 : 14 ) . وأنا ضعيف أمام نفسى . لذلك أطلب دائماً معونتك . وأنا ضعيف أمام الناس ، أمام الأعزاء الذين طلبوا نفسى ، ولم يسبقوا أن يجعلوا أمامهم " ( مز54 : 2 ) . لذلك ارحمني يارب فإني ضعيف .
X X X
إذن فليحترس كل واحد منكم يا أخوتي ، إن وجد نفسه في مركز قوة أو في حالة عنف . أو في موقف اعتداد بالذات كمن يقول : أنا سأعمل ، أنا سوف أودب . سوف ألقي عليهم درساً .
احترس يا أخي ، إذا سلطان إلى يدك . احترس لنفسك ، واحترس من نفسك . ارفض استخدام القوة ، واستخدام السلطة ، واستخدام العنف . بل في صلاتك قل :
ارحمني يارب فإني ضعيف . لا تدفع أحداً إلى يدي ، ولا تدفعني ليد أحد . قبل أن أقول : لا تعط لإنسان قوة يدوس بها علي ، أقول لا تعطني يارب قوة أدوس بها علي غيري . أعطنى باستمرار أن أكون مظلوماً . ومصلوباً لا صالباً ، ومغلوباً . لأنك حينئذ ستكون معي . لا تعطني أن أكون منتصراً علي الناس ، بل أكون منتصراً علي نفسى ، أمامك . فليخف كل واحد من القوة والعظمة والجبروت ، فأن لرب الجنود يوماً علي كل متعظم وعال ، وعلي كل مرتفع فيوضع ...
أمامنا مثال هو سنحاريب ملك أشور .
لقد اعتز جداً ، وأرسل يهدد حزقيا ملك يهوذا بكل كبرياء . فماذا يفعل حزقيا أمام جيش عظيم جداً ، وأرسل تهديد سنحاريب . شعر حزقيا بضعفه ، فمزق ثيابه ، وتغطى بمسح ، ودخل بيت الرب ... وصلي إليه قائلاً : افتح يارب عينيك وانظر ، واسمع كلام سنحاريب .. والآن يارب خلصنا من يده ( 2مل19 : 1 – 19 ) . وأرسل حزقيا رسلاً إلى أشعياء نبي الرب . وشعور حزقيا يقول : ارحمني يارب فإني ضعيف ... فكانت كلمة أشعياء النبي إلى سنحاريب : من عيرت ؟ وعلي من جدفت وعليت صوتاً ؟! وقد رفعت إلى العلاء عينيك علي قدوس إسرائيل !! " ( 2مل19 : 22 ) ... " وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مائة ألف وخمسة وثمانين ألفاً . ولما بكروا صباحاً إذا هم جثث هامده ( 2مل19 : 35 ) . وبعد عودة سنحاريب إلى نينوي ، ضربه ابناه بالسيف فمات .
X X X
كل هؤلاء الضعفاء وقفوا أمام الله ، يتغنون بقول المزمور :
" جميع عظامي تقول يارب من مثلك ؟ المنقذ ؟ المنقذ المسكين ممن هو أقوى منه ، والفقير والبائس من سالبه " ( مز35 : 10 ) .
ذلك لأن كلاً من المسكين والفقير والبائس ، يقول من أعماقه : ارحمني يارب ، فإنى ضعيف " . أما الأقوياء فإنهم مساكين .
حتى الخطية لا تمسك إلا الأقوياء .
وهكذا يقول عنها الكتاب " إنها طرحت كثيرين جرحي ، وكل قتلاها أقوياء " ( أم7 : 26 )
من أمثال هؤلاء الأقوياء : الذي لا يحترس من الخطية ، ويقول : ليس لمثلي هذه الخطايا . إنها بسيطة ، تحارب المبتدئين ! أما الضعيف فيحترس منها ويقول : ارحمنى يارب فإني ضعيف . هذا هو الذي يخلص ...
X X X
هناك عبارة كتبتها مرة في مذاكرتي وهي :
قال الشيطان لله : أترك لي الأقوياء ، فإنني كفيل بهم . أما الضعفاء فإنني أخافهم . لأنهم إذ يشعرون بضعفهم ، يحاربونني بقوتك أنت ، فيقدرون علي .
الضعيف الذى يصرخ لك قائلاً في كل حين : ارحمني يارب فأنى ضعيف ... فهذا لا أقدر عليه . لأنه كلما يصرخ تأتى أنت وتقف بجانبه ، وتحارب عنه ، فلا أقدر عليه .
X X X
داود كان دائماً يصرخ إلى الرب ليحمية من الأقوياء .
فيقول " يارب باسمك خلصني ، فإن الأقوياء قاموا علي ، والأعزاء طلبوا نفسى " ( مز54 : 1 ، 2 ) وأنا ليس أمامي إلا أن أقول : " ارحمني يارب فأنى ضعيف " .. ذلك لأن الرب أقوى من جميع الأقوياء .
الله ضد الأقوياء المعتزين بقوتهم ، أو الشاعرين بقوتهم ، أو المعتمدين علي قوتهم .
X X X
انظروا ماذا يقول الرب فى سفر عاموس : " وأنا قد أبدت من أمامهم الأموري ، الذى قامته مثل قامة الأرز . وهو قوى كالبلوط . أبدت ثمرة من فوق ، وأصوله من تحت " ( عا2 : 9 ) .
من غير المعقول ، أن يبحث الله عن المساكين ليبيدهم ، بل يبيد أولئك المرتفعين بقامتهم إلى السماء . عند بناء الهيكل ، كان زر بابل محتاجاً إلى معونة الله . لذلك وصلت إليه المعونة الإلهية في سفر زكريا النبي تقول :
" لا بالقدرة ولا بالقوة ، بل بروحي قال رب الجنود " .
" من أنت أيها الجبل العظيم ؟! أمام زر بابل تصير سهلاً " ( زك4 : 6 ) .
من هنا تأتي القوة للإنسان الضعيف ، من عند رب الجنود . وهكذا يقول أيوب الصديق للرب " كيف أعنت من لا قوة له ، وخلصت ذراعاً لا عزلها " ( أي26 : 1 ) .
X X X
في صلواتك أيها الابن المبارك ، ينما تصل إلى عبارة " ارحمني يارب فأنى ضعيف " .
ادخل إلى داخل نفسك ، وحطم أصنامك المنصوبة في هيكل ذاتك .
وأول صنم تحطمه ، هو ذاتك الكبيرة الضخمة القوية في عينيك ، الجميلة في عينيك ، التي تستطيع أن تقتدر ، وتستطيع أن تعمل وأنت تنفذ ، وتستطيع أن تضرب وتعتدي .. حطم ذاتك حطمها ... وحينما تتحول ذاتك إلى تراب ورماد ، حينئذ يقف الله إلى جوارك .
وحينما يقف الله إلى جوارك ، أهمس في أذنيه بهذه الأنشودة الجميلة " ارحمني يارب فأني ضعيف " .
أيوب النبي العظيم ، حينما كان معتزاً ببره وعظمته ، ألقي إلى التجارب والضربات .. عندما كان يغني ويقول : ليتني كنت كما في الأيام السالفة " إذ غسلت خطواتي باللبن ، والصخر سكب لي في جداول زيت . حين كنت أخرج إلي الباب وأهيئ في الساحة مجلسي .. صوت الشرفاء اختفي ، ولصقت ألسنتهم بأحناكهم . لأن الأذن سمعت فطوبتني . والعين رأت فشهدت لي .. لبست البر فكساني . كجبة وعمامة كان عدلي " ( أي29 : 1 – 14 ) .
وحينما يقول أيضاً في اعتزازه بقوته وعدله " همشت أضراس الظالم ومن بين أسنانه خطفت الفريسة " ( أي29 : 17 ) ... وحينما كان يكرر عبارة " أنا " " أنا " ...
X X X
عندما كان أيوب يقول هذه العبارات ، توبخ من الرب ، لأنه " كان بارزاً في عيني نفسه " ( أي32 : 1 ) ( أي38 : 2 ) .
ولكنه أخيراً رفض ذاته ، وقال للرب : " الآن .. أرفض وأندم في التراب والرماد " ( مز42 : 6 ) .. لما وصل للتراب والرماد ، حينئذ رفع الرب عنه التجربة .. " ورد الرب سبي أيوب ، وأزاد على كل ما كان له ضعفاً " ( أي 42 : 10 ) .
لأنه لما وصل إلي التراب والرماد ، وصل في نفس الوقت إلى قول داود : إرحمني يارب فإني ضعيف . قديماً كانت له مهابته وعظمته التي قال فيها " رآني الغلمان فاختبأوا ، والأشباح قاموا ووقفوا . العظماء أمسكوا عن الكلام ، ووضعوا أيديهم علي أفواههم " ( أي 29 : 8 ، 9 ) . أما الآن فإنه تراب ورماد .. وصل أخيراً إلي حقيقته .
نصيحتي لكل إنسان : انس قوتك . انس العظمة التي أنت فيها ، أو التي تشتهيها .
X X X
إن أعطيت سلطة لا تستخدمها ، أعني لا تستخدمها الاستخدام الذي يرفع نفسك .
لا تقو على غيرك . لا تضع أحداً تحت قدميك . لا تتكبر على أحد . لا تحاول أن تغلب باستمرار وأن تنتصر كل حين ، وفى كل مجال تظهر شخصيتك وقوتك .. لا تذل أحداً .. بل أتضع أمام كل أحد . وقال أمام الله كما قال داود ارحمني يارب فأنى ضعيف .
ضعف داود ومذلته
في الواقع أن داود النبي ، كان في مزاميره يتكلم كثيراً عن ضعفه ومذلته ، وبخاصة أمام قوة أعدائه وجبروتهم ...
ليس في هذا المزمور السادس فقط ، وإنما في كثير غيره . فهم في آخر مزمور من مزامير صلاة باكر يقول :
" إن العدو قد أضطهد نفسي ، وأذل في الأرض حياتي . أجلسني في الظلمات مثل اضطهد نفسي ، وأذل في الأرض حياتي . أجلسني في الظلمات مثل الموتي منذ الدهر .. أنقذني من أعدائي يارب ، فأنى لجأت إليك ... بحقك تخرج من الشدة نفسي [ مز142 ( 143 ) ] إنه لا يقف أمام الله خطورة أعدائه . أعداؤه اضطهدوه وأذلوا وأجلسوه في الظلمات مثل الموتي .
X X X
فماذا تستفيد أنت من هذه المزامير ؟ كيف تطبقها في حياتك ؟ وبأي معني ؟ وماذا تعني بكلمة أعدائك ؟
إما تطبقها في المعاملات ، وأعداؤك هم خصومك وقاوموك . أو في حياتك الروحية ، وأعداؤك هم الشياطين والأفكار والشهوات . العدو – عدو الخير – اضهطد نفسي . أطال حربة علي مقاومته . وأجلسني في الظلمات . والظلمة هي التي أحبها الناس أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة " ( يو3 : 19 ) . والذين يعيشون في هذه الظلمة ، نهايتهم أن يطرحوا في الظلمة الخارجية ( مت8 : 12 ) حيث البكاء وصرير الأسنان ( مت25 : 30 ) . إنه الموت الروحي ( لو15 : 24 ) ( رؤ3 : 1 ) ، الذي يقود إلى الموت الأبدي . وهو مصير الذين يجلسون في الظلمات ، فيكونون مثل الموتي إلى الدهر .
X X X
هكذا يتكلم داود عن قوة أعدائه الذين أذلوه . ويقول عنهم في [ مز19 ( 20 ) ] " هؤلاء الأقوياء بخيل . ونحن باسم الرب ننمو " .. أنا لست مثل هؤلاء الأقوياء ، أصحاب المركبات – كما كان فرعون بمركباته – ولكننى باسم الرب أنمو ، كما دخلت على جليات باسم رب الجنود ( 1صم17 : 45 ) .
X X X
وفي أول مزمور من مزامير الساعة السادسة ، نقول مع داود " استمع يا الله صلاتي .. فإن الغرباء قد قاموا على ، والأقوياء طلبوا نفسى . ولم يجعلوا الله أمامهم " [ مز53 ( 54 ) ] ... هؤلاء الغرباء عن ملكوتك ، والأقوياء بكل أسلحة عدو الخير . هؤلاء طلبوا نفسى ليهلكوها . ولم يجعلوك أمامهم . أما أنا فقد جعلتك أمامي في كل حين . لأنك عن يميني فلا أتزعزع ( مز16 : 8 ) .
إن قوة أعدائي ، أضع أمامها قوة الله .
X X X
يتابع داود حديثه عن قوة أعدائه فيقول في ثاني مزمور من مزامير الساعة السادسة " أرسل الله رحمته وحقه ، وخلعي نفسى من بين الأشبال ، إذ نمت مضرباً " [ مز56
( 57 ) ] ... خلص الله نفسه من بين الأسود ، وهو مسكين نائم وهو مضطرب وخائف .. ويستطرد في نفس المزمور فيقول " أسنان أبناء البشر وسهام ، ولسانهم سيف مرهف .. نصبوا لرجلي فخاخاً ، وأحنوا نفسي . حفروا قدام وجهي حفرة قدام وجهي حفرة ، فسقطوا فيها " .
إنني كلما أذكر قوة أعدائي يارب ، وتآمروا على ، إنما أذكر مع ذلك أيضاً تدخلك لإنقاذي .
سوف أنسي لسانهم الذي يتقولون به علي ، في عنف السيف المرهف . وسوف أنسي الفخاخ التي نصبوها أمامي لكي يصطادوني بها وسوف أنسي الحفرة أمامي لأسقط فيها .. ولكنني سأذكر فقط رحمتك التي جعلتهم يسقطون فيما حفروه لي من حفر ..
X X X
لقد اعتز جداً ، وأرسل يهدد حزقيا ملك يهوذا بكل كبرياء . فماذا يفعل حزقيا أمام جيش عظيم جداً ، وأرسل تهديد سنحاريب . شعر حزقيا بضعفه ، فمزق ثيابه ، وتغطى بمسح ، ودخل بيت الرب ... وصلي إليه قائلاً : افتح يارب عينيك وانظر ، واسمع كلام سنحاريب .. والآن يارب خلصنا من يده ( 2مل19 : 1 – 19 ) . وأرسل حزقيا رسلاً إلى أشعياء نبي الرب . وشعور حزقيا يقول : ارحمني يارب فإني ضعيف ... فكانت كلمة أشعياء النبي إلى سنحاريب : من عيرت ؟ وعلي من جدفت وعليت صوتاً ؟! وقد رفعت إلى العلاء عينيك علي قدوس إسرائيل !! " ( 2مل19 : 22 ) ... " وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مائة ألف وخمسة وثمانين ألفاً . ولما بكروا صباحاً إذا هم جثث هامده ( 2مل19 : 35 ) . وبعد عودة سنحاريب إلى نينوي ، ضربه ابناه بالسيف فمات .
X X X
كل هؤلاء الضعفاء وقفوا أمام الله ، يتغنون بقول المزمور :
" جميع عظامي تقول يارب من مثلك ؟ المنقذ ؟ المنقذ المسكين ممن هو أقوى منه ، والفقير والبائس من سالبه " ( مز35 : 10 ) .
ذلك لأن كلاً من المسكين والفقير والبائس ، يقول من أعماقه : ارحمني يارب ، فإنى ضعيف " . أما الأقوياء فإنهم مساكين .
حتى الخطية لا تمسك إلا الأقوياء .
وهكذا يقول عنها الكتاب " إنها طرحت كثيرين جرحي ، وكل قتلاها أقوياء " ( أم7 : 26 )
من أمثال هؤلاء الأقوياء : الذي لا يحترس من الخطية ، ويقول : ليس لمثلي هذه الخطايا . إنها بسيطة ، تحارب المبتدئين ! أما الضعيف فيحترس منها ويقول : ارحمنى يارب فإني ضعيف . هذا هو الذي يخلص ...
X X X
هناك عبارة كتبتها مرة في مذاكرتي وهي :
قال الشيطان لله : أترك لي الأقوياء ، فإنني كفيل بهم . أما الضعفاء فإنني أخافهم . لأنهم إذ يشعرون بضعفهم ، يحاربونني بقوتك أنت ، فيقدرون علي .
الضعيف الذى يصرخ لك قائلاً في كل حين : ارحمني يارب فأنى ضعيف ... فهذا لا أقدر عليه . لأنه كلما يصرخ تأتى أنت وتقف بجانبه ، وتحارب عنه ، فلا أقدر عليه .
X X X
داود كان دائماً يصرخ إلى الرب ليحمية من الأقوياء .
فيقول " يارب باسمك خلصني ، فإن الأقوياء قاموا علي ، والأعزاء طلبوا نفسى " ( مز54 : 1 ، 2 ) وأنا ليس أمامي إلا أن أقول : " ارحمني يارب فأنى ضعيف " .. ذلك لأن الرب أقوى من جميع الأقوياء .
الله ضد الأقوياء المعتزين بقوتهم ، أو الشاعرين بقوتهم ، أو المعتمدين علي قوتهم .
X X X
انظروا ماذا يقول الرب فى سفر عاموس : " وأنا قد أبدت من أمامهم الأموري ، الذى قامته مثل قامة الأرز . وهو قوى كالبلوط . أبدت ثمرة من فوق ، وأصوله من تحت " ( عا2 : 9 ) .
من غير المعقول ، أن يبحث الله عن المساكين ليبيدهم ، بل يبيد أولئك المرتفعين بقامتهم إلى السماء . عند بناء الهيكل ، كان زر بابل محتاجاً إلى معونة الله . لذلك وصلت إليه المعونة الإلهية في سفر زكريا النبي تقول :
" لا بالقدرة ولا بالقوة ، بل بروحي قال رب الجنود " .
" من أنت أيها الجبل العظيم ؟! أمام زر بابل تصير سهلاً " ( زك4 : 6 ) .
من هنا تأتي القوة للإنسان الضعيف ، من عند رب الجنود . وهكذا يقول أيوب الصديق للرب " كيف أعنت من لا قوة له ، وخلصت ذراعاً لا عزلها " ( أي26 : 1 ) .
X X X
في صلواتك أيها الابن المبارك ، ينما تصل إلى عبارة " ارحمني يارب فأنى ضعيف " .
ادخل إلى داخل نفسك ، وحطم أصنامك المنصوبة في هيكل ذاتك .
وأول صنم تحطمه ، هو ذاتك الكبيرة الضخمة القوية في عينيك ، الجميلة في عينيك ، التي تستطيع أن تقتدر ، وتستطيع أن تعمل وأنت تنفذ ، وتستطيع أن تضرب وتعتدي .. حطم ذاتك حطمها ... وحينما تتحول ذاتك إلى تراب ورماد ، حينئذ يقف الله إلى جوارك .
وحينما يقف الله إلى جوارك ، أهمس في أذنيه بهذه الأنشودة الجميلة " ارحمني يارب فأني ضعيف " .
أيوب النبي العظيم ، حينما كان معتزاً ببره وعظمته ، ألقي إلى التجارب والضربات .. عندما كان يغني ويقول : ليتني كنت كما في الأيام السالفة " إذ غسلت خطواتي باللبن ، والصخر سكب لي في جداول زيت . حين كنت أخرج إلي الباب وأهيئ في الساحة مجلسي .. صوت الشرفاء اختفي ، ولصقت ألسنتهم بأحناكهم . لأن الأذن سمعت فطوبتني . والعين رأت فشهدت لي .. لبست البر فكساني . كجبة وعمامة كان عدلي " ( أي29 : 1 – 14 ) .
وحينما يقول أيضاً في اعتزازه بقوته وعدله " همشت أضراس الظالم ومن بين أسنانه خطفت الفريسة " ( أي29 : 17 ) ... وحينما كان يكرر عبارة " أنا " " أنا " ...
X X X
عندما كان أيوب يقول هذه العبارات ، توبخ من الرب ، لأنه " كان بارزاً في عيني نفسه " ( أي32 : 1 ) ( أي38 : 2 ) .
ولكنه أخيراً رفض ذاته ، وقال للرب : " الآن .. أرفض وأندم في التراب والرماد " ( مز42 : 6 ) .. لما وصل للتراب والرماد ، حينئذ رفع الرب عنه التجربة .. " ورد الرب سبي أيوب ، وأزاد على كل ما كان له ضعفاً " ( أي 42 : 10 ) .
لأنه لما وصل إلي التراب والرماد ، وصل في نفس الوقت إلى قول داود : إرحمني يارب فإني ضعيف . قديماً كانت له مهابته وعظمته التي قال فيها " رآني الغلمان فاختبأوا ، والأشباح قاموا ووقفوا . العظماء أمسكوا عن الكلام ، ووضعوا أيديهم علي أفواههم " ( أي 29 : 8 ، 9 ) . أما الآن فإنه تراب ورماد .. وصل أخيراً إلي حقيقته .
نصيحتي لكل إنسان : انس قوتك . انس العظمة التي أنت فيها ، أو التي تشتهيها .
X X X
إن أعطيت سلطة لا تستخدمها ، أعني لا تستخدمها الاستخدام الذي يرفع نفسك .
لا تقو على غيرك . لا تضع أحداً تحت قدميك . لا تتكبر على أحد . لا تحاول أن تغلب باستمرار وأن تنتصر كل حين ، وفى كل مجال تظهر شخصيتك وقوتك .. لا تذل أحداً .. بل أتضع أمام كل أحد . وقال أمام الله كما قال داود ارحمني يارب فأنى ضعيف .
ضعف داود ومذلته
في الواقع أن داود النبي ، كان في مزاميره يتكلم كثيراً عن ضعفه ومذلته ، وبخاصة أمام قوة أعدائه وجبروتهم ...
ليس في هذا المزمور السادس فقط ، وإنما في كثير غيره . فهم في آخر مزمور من مزامير صلاة باكر يقول :
" إن العدو قد أضطهد نفسي ، وأذل في الأرض حياتي . أجلسني في الظلمات مثل اضطهد نفسي ، وأذل في الأرض حياتي . أجلسني في الظلمات مثل الموتي منذ الدهر .. أنقذني من أعدائي يارب ، فأنى لجأت إليك ... بحقك تخرج من الشدة نفسي [ مز142 ( 143 ) ] إنه لا يقف أمام الله خطورة أعدائه . أعداؤه اضطهدوه وأذلوا وأجلسوه في الظلمات مثل الموتي .
X X X
فماذا تستفيد أنت من هذه المزامير ؟ كيف تطبقها في حياتك ؟ وبأي معني ؟ وماذا تعني بكلمة أعدائك ؟
إما تطبقها في المعاملات ، وأعداؤك هم خصومك وقاوموك . أو في حياتك الروحية ، وأعداؤك هم الشياطين والأفكار والشهوات . العدو – عدو الخير – اضهطد نفسي . أطال حربة علي مقاومته . وأجلسني في الظلمات . والظلمة هي التي أحبها الناس أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة " ( يو3 : 19 ) . والذين يعيشون في هذه الظلمة ، نهايتهم أن يطرحوا في الظلمة الخارجية ( مت8 : 12 ) حيث البكاء وصرير الأسنان ( مت25 : 30 ) . إنه الموت الروحي ( لو15 : 24 ) ( رؤ3 : 1 ) ، الذي يقود إلى الموت الأبدي . وهو مصير الذين يجلسون في الظلمات ، فيكونون مثل الموتي إلى الدهر .
X X X
هكذا يتكلم داود عن قوة أعدائه الذين أذلوه . ويقول عنهم في [ مز19 ( 20 ) ] " هؤلاء الأقوياء بخيل . ونحن باسم الرب ننمو " .. أنا لست مثل هؤلاء الأقوياء ، أصحاب المركبات – كما كان فرعون بمركباته – ولكننى باسم الرب أنمو ، كما دخلت على جليات باسم رب الجنود ( 1صم17 : 45 ) .
X X X
وفي أول مزمور من مزامير الساعة السادسة ، نقول مع داود " استمع يا الله صلاتي .. فإن الغرباء قد قاموا على ، والأقوياء طلبوا نفسى . ولم يجعلوا الله أمامهم " [ مز53 ( 54 ) ] ... هؤلاء الغرباء عن ملكوتك ، والأقوياء بكل أسلحة عدو الخير . هؤلاء طلبوا نفسى ليهلكوها . ولم يجعلوك أمامهم . أما أنا فقد جعلتك أمامي في كل حين . لأنك عن يميني فلا أتزعزع ( مز16 : 8 ) .
إن قوة أعدائي ، أضع أمامها قوة الله .
X X X
يتابع داود حديثه عن قوة أعدائه فيقول في ثاني مزمور من مزامير الساعة السادسة " أرسل الله رحمته وحقه ، وخلعي نفسى من بين الأشبال ، إذ نمت مضرباً " [ مز56
( 57 ) ] ... خلص الله نفسه من بين الأسود ، وهو مسكين نائم وهو مضطرب وخائف .. ويستطرد في نفس المزمور فيقول " أسنان أبناء البشر وسهام ، ولسانهم سيف مرهف .. نصبوا لرجلي فخاخاً ، وأحنوا نفسي . حفروا قدام وجهي حفرة قدام وجهي حفرة ، فسقطوا فيها " .
إنني كلما أذكر قوة أعدائي يارب ، وتآمروا على ، إنما أذكر مع ذلك أيضاً تدخلك لإنقاذي .
سوف أنسي لسانهم الذي يتقولون به علي ، في عنف السيف المرهف . وسوف أنسي الفخاخ التي نصبوها أمامي لكي يصطادوني بها وسوف أنسي الحفرة أمامي لأسقط فيها .. ولكنني سأذكر فقط رحمتك التي جعلتهم يسقطون فيما حفروه لي من حفر ..
X X X
بل
إن داود يشرح مدي عنف أعدائه وإحاطتهم به كالنار ، فيقول في مزمور 117 (
118 ) [ من مزامير الغروب ] : " أحاطوا بي احتياطا واكتنفوني .. أحاطوا بي
مثل النحل ، والتهبوا كنار من شوك ...
وماذا كان موقفك يا داود أمام كل هذه الخطورة ؟
يقول " دفعت لأسقط ، والرب رفعتني " .
" يمين الرب صنعت قوة ، فلن أموت بل أحيا ، وأحدث بأعمال الرب " .
لن أتحدث عن ضعفى ، ولا عن قوتهم ، بل عن عمل الرب معي ،ن وإنقاذه وخلاصه .
X X X
وهكذا فإن داود يختم حديثه عن قوة أعدائه وهجومهم القاسي عليه ، بتلك الأنشودة الجميلة :
" قوتي وتسبحتي هو الرب ، وقد صار لي خلاصاً " . ونحن نتذكر هذه العبارة العميقة في دلالتها ، وننشدها في أسبوع الآلام ، متذكرين في كل ما تعرض له السيد المسيح من آلام وضيقات ، إنها صارت لنا قوة وخلاصاً ، نسبح الرب بها ، لأنه هو قوتنا وخلاصنا .
X X X
نتذكر لداود أيضاً مزموراً من مزامير صلاة الغروب ، يقول فيه : " لولا أن الرب كان معنا ، حين قام الأعداء علينا ، لا بتلعونا ونحن أحياء ، عند سخط غضبهم علينا " [ مز123 ( 124 ) : 2 ، 3 ] .. هل إلى هذه الدرجة كنت ضعيفاً أمامهم يا داود ؟* وإلي هذه الدرجة كانوا أقوى منك ؟**! يجيب " مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم " ... كأنهم وحوش مفترسون إذن ؟! نعم ، ولكن انكسر ونحن نجونا . عوننا باسم الرب الذى صنع السناء والأرض " .. وكأن داود يقول : ارحمني يارب فإني ضعيف . أنا مثل عصفور صغير ومسكين ، واقع بين فخاخ الصيادين . لو لم تدركني رحمتك ، لوقعت في أيديهم . صياد واحد يقدر علي بالأكثر عدد من الصيادين !!
X X X
يقول للرب أيضاً في مزمور من مزامير صلاة النوم :
" بصوتي إلى الرب صرخت .. أبث لديه ضيقي ، عند فناء روحي مني . وأنت علمت سبلي . في الطريق التي أسلك أخفوا لي فخاً . تأملت عن يمين وأبصرت . فلم يكن من يعرفني . ضاع المهرب مني ، وليس من يسأل عن نفسي . فصرخت إليك يارب " [ مز141 ( 142 ) ] .
X X X
هذه الصلاة هي صراخ نفس فى ضيقة ، أمامهم فخاخ العدو وليس من مهرب ، وليس من يسأل عنها . المعين الوحيد هو الله .
إذن طريق القديسين ليس سهلاً . إنه الطريق الكرب ، والباب الضيق ، وهجمات العدو ، وكثرة العثرات والمتاعب والأحزان . وهكذا يصرخ داود إلى الرب في نفس المزمور " نجني من الذين يضطهدوني ، فإنهم قد اعتزوا أكثر مني " . إنه هنا يعترف بضعفه ، وبأن أعداءه أقوي منه . لذلك يقول . صرخت إليك يارب : نعم وأصرخ وأقول : ارحمني يارب فإني ضعيف ...
X X X
لقد مسحه الله ملكاً . ولكن الملك لم يكن سلطة وعظمة وكرامة . وإنما " كثيرة هي أحزان الصديقين .. " ( مز34 : 19 ) . وقد أحس داود بكل هذه الضيقات التي تحيطه من كل جانب ، كما أحس أيضاً بكثرة الأعداء في حياته ، فقال :
" أكثر من شعر رأسي الذين يبغضونني بلا سبب " ( مز69 : 4 ) .
X X X
وهل اقتصر الأمر على بغضة هؤلاء لك ، ومشاعرهم الرديئة من نحوك ؟ كلا ، بل قادتهم البغضة إلى الاعتداء . وهكذا يقول :
" على ظهري جلدني الخطاة ، وأطالوا إثمهم " [ مز128 ( 192 ) ] .
هذا هو داود ، الذي يقف قوتهم أمام الله كمسكين : أعداؤه قد اعتزروا أكثر منه ، هو ليس في مثل قوتهم ، كما أن عددهم أكثر من شعر رأسه . وقد اضطهدوه إثمهم . طالت به المدة ، وهو يجلد على ظهره .. حقاً ، إنه يقف أمام الله كضعيف يطلب معونته ، ويقول له ارحمني يارب فإني ضعيف .
X X X
ولكنه وهو واقع تحت اضطهاد هؤلاء الخطاة له ، يؤمن تماماً – وبالخبرة – إن الله سيخلصه منهم ويقضى عليهم ، فيقول :
الرب صديق هو ، يقطع أعناق الخطاة .
بل يقول أيضاً " الرب لا يترك عصا الخطاة تستقر على نصيب الصديقين " [ مز124 ( مز125 ) ] . يمكن أن يتعرضوا لضربات هذه العصا من الخطاة . ولكنها لا تستقر عليهم ، أي لا يستمر الأمر هكذا ، فلابد أن يتدخل الرب ، وينزع هذه العصا .
X X X
ولكن متى ينزعها الرب ؟ قد يتركها فترة طويلة ، من الألم المرير الواقع من هؤلاء الخطاة الذين يضطهدوني " " كثر على ظلم المتكبرين " " كلت عيناي من إنتظار أقوالك ، متي تعزيني ؟ " ( مز119 ) إلى أن يصرخ فيقول :
كادوا يفنوني على الأرض .. " ( مز119 : 87 ) .
وفى ترجمة أخري " لو لا قليل لأفنوني من الأرض " ...
هذا هو داود الذي كان يقول في المزمور " ارحمني يارب فإنى ضعيف " .
X X X
وأنت أية تأملات تجول في ذهنك ، خلال ما يقوله داود عن ضعفه في المزامير ؟
يمكن أن تقف في حروبك الروحية صارخا إلى الله من قوة جنود الشر الروحية ، التي اعتزت أكثر منك ...
جنود الشيطان الذين اضطهدوك بلا سبب ، وأطالوا إثمهم وكادوا أن يفنوك من على الأرض .. تصرخ إليك من الأفكار القاسية الملحة ، التي تريد إسقاطك ، وتطلب لنفسك لتهلكها .. وتقول في كل ذلك " ارحمني ياربي فإني ضعيف " . سواء إن كنت محارباً بخطية ، وأنت غير قادر على مقاومتها أو إن كنت في ضيقة ، وأنت غير قادر على الخروج منها .. في كلتي الحالتين تقول مع داود " ارحمني يارب فإني ضعيف " .
X X X
إن داود بعد الخطية الكبري التي وقع فيها ( 2صم 11 ) ، شعر بضعفه بالأكثر . في الأول كان يقال عنه إنه " جبار بأس " ( 1صم 16 : 18 ) . وغنت له النساء بالرقص والدفوف والفرح قائلات " ضرب شاول ألوفة وداود ربوات " ( 1صم 18 : 6 ، 7 ) .. أما الآن فلم تهزمه ألوف ولا ربوات ، بل امرأة واحدة " .. ووقع في الخطية ، وانذل ...
في الواقع إنه كما أذلته الخطية ، كذلك نقول إنه استفاد أيضاً من هذا الذل .
لهذا نراه يقول في المزمور الكبير " خير لي يارب أنك أذللتني ، حتى أتعلم حقوقك " 0 مز119 : 71 ) . فما هو الخير الروحي الذي حصل عليه ؟ أولاً بدأ يشعر بضعفه ، وهذا لون جميل من أتضاع النفس . وهكذا يقول في مزموره السادس " إرحمني يارب فإني ضعيف " ضعيف ، وفي حاجة إلى رحمة من الله .
وماذا يقول بعد ذلك ؟ يقول :
اشفني فإن عظامي قد اضطرب ، ونفسي قد انزعجت جداً .
بدأ يشعر أنه مريض ، جسداً وروحاً ، فالخطية ونتائجها لها تأثير على كليهما . فمن اضطربت : لو ارتعش الجسد ، لكن الأمر سهلاً . أما أن تضطرب العظام الصلبة القوية ، البنيان الهيكل الجبار ، فإن هذا يدل على أن جسده كله على وشك الضياع ... وليس جسده فقط ، بل يقول " ونفسي قد انزعجت جداً " ...
انزعاج النفس كان تعويضاً ورد فعل للذة الخاطئة التي نالتها نفسه من الخطية ...
إن الخطية ليست مجرد تحقيق لشهوة الجسد ، إنما لها رد فعل عنيف على ناثان " أنت هو الرجل .. " . " لماذا احتقرت كلام الرب ، لتعمل الشر في عينه .. " " جعلت بهذا الأمر أعداء الله يشتمون .. " ( 2صم12 : 7 – 14 ) . وهكذا حينما أدرك عمق خطيته ، بدأت نفسه تتعب وتنزعج .. وصار يبكي ويتنهد ، بل يقول " تعبت في تنهدي " ...
بهذا في عمق تعبه النفسي ، قال للرب :
" وأنت يارب فإلى متى ؟ عد ونج نفسي ، وأحيني من أجل رحمتك " .
عبارة " أحيني " تعني أنه في نظر نفسه ميت .. طبعاً يقصد بهذا الموت الأدبي والموت الروحي . كما قال الآب في عودة أبنه الضال " إبني هذا كان ميتاً فعاش " ( لو1 : 24 ) ، وكما قال الرب لملاك كنيسة ساردس " إن لك اسما إنك حي ، وأنت ميت " ( رؤ3 : 1 ) . إذن داود في وصف نفسه : ضعيف ، ومريض ، عظامه مضطربة منزعجة ، وتعبان ؟، ومتنهد ، وباك وميت ...
X X X
تركه الله حتى استوى ، حتى امتلأ كأسه ، وذلت نفسه ، . انفتحت عيناه أخيراً ، وأنكشف عنه الغطاء ، وشعر بحقيقة ذاته ، فإذا هو لا شئ قدام نفسه .. رأى نفسه ضعيفاً ومريضاً ومحتجاً إلى رحمة الله .. لقد تغير حالة عن ذي قبل .. رفع الغطاء عن الجبار ، فإذا هو في الموازين إلى فوق ( مز62 : 9 ) . أين جبار البأس ؟! إن مجرد نظرة ألقاها علي جارته من فوق سطح بيته ( 2صم11 : 2 ) ، أنهار أمامها كل بنيانه . حقاً إن الإنسان لا شئ " إنما نفخة كل إنسان قد جعل .. " 0 مز39 : 5 ، 11 ) .. مجرد منظر ...
X X X
أين ذلك الجبار ، رجل الحرب ؟! أين رجل المزمار والقيثار ؟! أين العود الذي كان يضرب عليه ، فيهدأ شاول حينما يقتحمه الروح الردئ ؟! أين رجل الصلوات الذي مازلنا نتعلم الصلوات من مزاميره ؟! أين .. أين .. ؟ لقد بقيت عظام مضطربة ، ونفس منزعجة ، وصوت يصرخ إلى الله ويقول :
وأنت يارب إلى متى ؟ عد ونج نفسي ...
إلى متى أظل في هذا التعب الداخلي ، وهذا الحزن الذي يحاصرني ؟ إلى متى أظل في صغر النفس ، والشعور بالخسة والعار ؟! وذكريات الخطية تتعبني .. إلى متي تتركني هكذا ؟ عد ونج نفسي . امنحني بهجة خلاصك . انضج على بز وفاك فأطهر . إغسلنى فأبيض أكثر من الثلج " .. أحيني من أجل رحمتك ...
X X X
وماذا كان موقفك يا داود أمام كل هذه الخطورة ؟
يقول " دفعت لأسقط ، والرب رفعتني " .
" يمين الرب صنعت قوة ، فلن أموت بل أحيا ، وأحدث بأعمال الرب " .
لن أتحدث عن ضعفى ، ولا عن قوتهم ، بل عن عمل الرب معي ،ن وإنقاذه وخلاصه .
X X X
وهكذا فإن داود يختم حديثه عن قوة أعدائه وهجومهم القاسي عليه ، بتلك الأنشودة الجميلة :
" قوتي وتسبحتي هو الرب ، وقد صار لي خلاصاً " . ونحن نتذكر هذه العبارة العميقة في دلالتها ، وننشدها في أسبوع الآلام ، متذكرين في كل ما تعرض له السيد المسيح من آلام وضيقات ، إنها صارت لنا قوة وخلاصاً ، نسبح الرب بها ، لأنه هو قوتنا وخلاصنا .
X X X
نتذكر لداود أيضاً مزموراً من مزامير صلاة الغروب ، يقول فيه : " لولا أن الرب كان معنا ، حين قام الأعداء علينا ، لا بتلعونا ونحن أحياء ، عند سخط غضبهم علينا " [ مز123 ( 124 ) : 2 ، 3 ] .. هل إلى هذه الدرجة كنت ضعيفاً أمامهم يا داود ؟* وإلي هذه الدرجة كانوا أقوى منك ؟**! يجيب " مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم " ... كأنهم وحوش مفترسون إذن ؟! نعم ، ولكن انكسر ونحن نجونا . عوننا باسم الرب الذى صنع السناء والأرض " .. وكأن داود يقول : ارحمني يارب فإني ضعيف . أنا مثل عصفور صغير ومسكين ، واقع بين فخاخ الصيادين . لو لم تدركني رحمتك ، لوقعت في أيديهم . صياد واحد يقدر علي بالأكثر عدد من الصيادين !!
X X X
يقول للرب أيضاً في مزمور من مزامير صلاة النوم :
" بصوتي إلى الرب صرخت .. أبث لديه ضيقي ، عند فناء روحي مني . وأنت علمت سبلي . في الطريق التي أسلك أخفوا لي فخاً . تأملت عن يمين وأبصرت . فلم يكن من يعرفني . ضاع المهرب مني ، وليس من يسأل عن نفسي . فصرخت إليك يارب " [ مز141 ( 142 ) ] .
X X X
هذه الصلاة هي صراخ نفس فى ضيقة ، أمامهم فخاخ العدو وليس من مهرب ، وليس من يسأل عنها . المعين الوحيد هو الله .
إذن طريق القديسين ليس سهلاً . إنه الطريق الكرب ، والباب الضيق ، وهجمات العدو ، وكثرة العثرات والمتاعب والأحزان . وهكذا يصرخ داود إلى الرب في نفس المزمور " نجني من الذين يضطهدوني ، فإنهم قد اعتزوا أكثر مني " . إنه هنا يعترف بضعفه ، وبأن أعداءه أقوي منه . لذلك يقول . صرخت إليك يارب : نعم وأصرخ وأقول : ارحمني يارب فإني ضعيف ...
X X X
لقد مسحه الله ملكاً . ولكن الملك لم يكن سلطة وعظمة وكرامة . وإنما " كثيرة هي أحزان الصديقين .. " ( مز34 : 19 ) . وقد أحس داود بكل هذه الضيقات التي تحيطه من كل جانب ، كما أحس أيضاً بكثرة الأعداء في حياته ، فقال :
" أكثر من شعر رأسي الذين يبغضونني بلا سبب " ( مز69 : 4 ) .
X X X
وهل اقتصر الأمر على بغضة هؤلاء لك ، ومشاعرهم الرديئة من نحوك ؟ كلا ، بل قادتهم البغضة إلى الاعتداء . وهكذا يقول :
" على ظهري جلدني الخطاة ، وأطالوا إثمهم " [ مز128 ( 192 ) ] .
هذا هو داود ، الذي يقف قوتهم أمام الله كمسكين : أعداؤه قد اعتزروا أكثر منه ، هو ليس في مثل قوتهم ، كما أن عددهم أكثر من شعر رأسه . وقد اضطهدوه إثمهم . طالت به المدة ، وهو يجلد على ظهره .. حقاً ، إنه يقف أمام الله كضعيف يطلب معونته ، ويقول له ارحمني يارب فإني ضعيف .
X X X
ولكنه وهو واقع تحت اضطهاد هؤلاء الخطاة له ، يؤمن تماماً – وبالخبرة – إن الله سيخلصه منهم ويقضى عليهم ، فيقول :
الرب صديق هو ، يقطع أعناق الخطاة .
بل يقول أيضاً " الرب لا يترك عصا الخطاة تستقر على نصيب الصديقين " [ مز124 ( مز125 ) ] . يمكن أن يتعرضوا لضربات هذه العصا من الخطاة . ولكنها لا تستقر عليهم ، أي لا يستمر الأمر هكذا ، فلابد أن يتدخل الرب ، وينزع هذه العصا .
X X X
ولكن متى ينزعها الرب ؟ قد يتركها فترة طويلة ، من الألم المرير الواقع من هؤلاء الخطاة الذين يضطهدوني " " كثر على ظلم المتكبرين " " كلت عيناي من إنتظار أقوالك ، متي تعزيني ؟ " ( مز119 ) إلى أن يصرخ فيقول :
كادوا يفنوني على الأرض .. " ( مز119 : 87 ) .
وفى ترجمة أخري " لو لا قليل لأفنوني من الأرض " ...
هذا هو داود الذي كان يقول في المزمور " ارحمني يارب فإنى ضعيف " .
X X X
وأنت أية تأملات تجول في ذهنك ، خلال ما يقوله داود عن ضعفه في المزامير ؟
يمكن أن تقف في حروبك الروحية صارخا إلى الله من قوة جنود الشر الروحية ، التي اعتزت أكثر منك ...
جنود الشيطان الذين اضطهدوك بلا سبب ، وأطالوا إثمهم وكادوا أن يفنوك من على الأرض .. تصرخ إليك من الأفكار القاسية الملحة ، التي تريد إسقاطك ، وتطلب لنفسك لتهلكها .. وتقول في كل ذلك " ارحمني ياربي فإني ضعيف " . سواء إن كنت محارباً بخطية ، وأنت غير قادر على مقاومتها أو إن كنت في ضيقة ، وأنت غير قادر على الخروج منها .. في كلتي الحالتين تقول مع داود " ارحمني يارب فإني ضعيف " .
X X X
إن داود بعد الخطية الكبري التي وقع فيها ( 2صم 11 ) ، شعر بضعفه بالأكثر . في الأول كان يقال عنه إنه " جبار بأس " ( 1صم 16 : 18 ) . وغنت له النساء بالرقص والدفوف والفرح قائلات " ضرب شاول ألوفة وداود ربوات " ( 1صم 18 : 6 ، 7 ) .. أما الآن فلم تهزمه ألوف ولا ربوات ، بل امرأة واحدة " .. ووقع في الخطية ، وانذل ...
في الواقع إنه كما أذلته الخطية ، كذلك نقول إنه استفاد أيضاً من هذا الذل .
لهذا نراه يقول في المزمور الكبير " خير لي يارب أنك أذللتني ، حتى أتعلم حقوقك " 0 مز119 : 71 ) . فما هو الخير الروحي الذي حصل عليه ؟ أولاً بدأ يشعر بضعفه ، وهذا لون جميل من أتضاع النفس . وهكذا يقول في مزموره السادس " إرحمني يارب فإني ضعيف " ضعيف ، وفي حاجة إلى رحمة من الله .
وماذا يقول بعد ذلك ؟ يقول :
اشفني فإن عظامي قد اضطرب ، ونفسي قد انزعجت جداً .
بدأ يشعر أنه مريض ، جسداً وروحاً ، فالخطية ونتائجها لها تأثير على كليهما . فمن اضطربت : لو ارتعش الجسد ، لكن الأمر سهلاً . أما أن تضطرب العظام الصلبة القوية ، البنيان الهيكل الجبار ، فإن هذا يدل على أن جسده كله على وشك الضياع ... وليس جسده فقط ، بل يقول " ونفسي قد انزعجت جداً " ...
انزعاج النفس كان تعويضاً ورد فعل للذة الخاطئة التي نالتها نفسه من الخطية ...
إن الخطية ليست مجرد تحقيق لشهوة الجسد ، إنما لها رد فعل عنيف على ناثان " أنت هو الرجل .. " . " لماذا احتقرت كلام الرب ، لتعمل الشر في عينه .. " " جعلت بهذا الأمر أعداء الله يشتمون .. " ( 2صم12 : 7 – 14 ) . وهكذا حينما أدرك عمق خطيته ، بدأت نفسه تتعب وتنزعج .. وصار يبكي ويتنهد ، بل يقول " تعبت في تنهدي " ...
بهذا في عمق تعبه النفسي ، قال للرب :
" وأنت يارب فإلى متى ؟ عد ونج نفسي ، وأحيني من أجل رحمتك " .
عبارة " أحيني " تعني أنه في نظر نفسه ميت .. طبعاً يقصد بهذا الموت الأدبي والموت الروحي . كما قال الآب في عودة أبنه الضال " إبني هذا كان ميتاً فعاش " ( لو1 : 24 ) ، وكما قال الرب لملاك كنيسة ساردس " إن لك اسما إنك حي ، وأنت ميت " ( رؤ3 : 1 ) . إذن داود في وصف نفسه : ضعيف ، ومريض ، عظامه مضطربة منزعجة ، وتعبان ؟، ومتنهد ، وباك وميت ...
X X X
تركه الله حتى استوى ، حتى امتلأ كأسه ، وذلت نفسه ، . انفتحت عيناه أخيراً ، وأنكشف عنه الغطاء ، وشعر بحقيقة ذاته ، فإذا هو لا شئ قدام نفسه .. رأى نفسه ضعيفاً ومريضاً ومحتجاً إلى رحمة الله .. لقد تغير حالة عن ذي قبل .. رفع الغطاء عن الجبار ، فإذا هو في الموازين إلى فوق ( مز62 : 9 ) . أين جبار البأس ؟! إن مجرد نظرة ألقاها علي جارته من فوق سطح بيته ( 2صم11 : 2 ) ، أنهار أمامها كل بنيانه . حقاً إن الإنسان لا شئ " إنما نفخة كل إنسان قد جعل .. " 0 مز39 : 5 ، 11 ) .. مجرد منظر ...
X X X
أين ذلك الجبار ، رجل الحرب ؟! أين رجل المزمار والقيثار ؟! أين العود الذي كان يضرب عليه ، فيهدأ شاول حينما يقتحمه الروح الردئ ؟! أين رجل الصلوات الذي مازلنا نتعلم الصلوات من مزاميره ؟! أين .. أين .. ؟ لقد بقيت عظام مضطربة ، ونفس منزعجة ، وصوت يصرخ إلى الله ويقول :
وأنت يارب إلى متى ؟ عد ونج نفسي ...
إلى متى أظل في هذا التعب الداخلي ، وهذا الحزن الذي يحاصرني ؟ إلى متى أظل في صغر النفس ، والشعور بالخسة والعار ؟! وذكريات الخطية تتعبني .. إلى متي تتركني هكذا ؟ عد ونج نفسي . امنحني بهجة خلاصك . انضج على بز وفاك فأطهر . إغسلنى فأبيض أكثر من الثلج " .. أحيني من أجل رحمتك ...
X X X
رولاقلـ يسوع ـب
02-06-2008, 12:08 PM
" نفسي قد انزعجت جداً " أي أنه فقد سلامه الداخلي .
لأن الخطية لا يمكن أن يكون معها سلام .. " لا سلام – قال الرب – للأشرار " ( أش 48 : 23 ) . أين يا داود تسابيحك وأغانيك ؟! أين قيثارتك الحلوة ؟ .. لقد علقت قيثارتي على أوراق الصفصاف . كيف أسبح تسبحة الرب في أرض غريبة ؟! ( مز137 : 2 ، 4 ) ... الخطية جعلتني في حالة غربة عن الله ...
X X X
" نفسي قد انزعجت جداً " . حقاً إن آلام النفس أصعب من آلام الجسد .
لذلك يقول للرب : عد ونج نفسي . عد أنت إلى ، إن كنت لم أعد إليك .. ونج نفسي ، لأن نجاتها في يدك أنت وحدك .. أنت الوحيد الذي تستطيع أن تعزيني . لأنى أعرف جيداً أني " إليك وحدك قد أخطأت ، والشر قدامك صنعت . فأحيني من أجل رحمتك .
وصل داود إلى انسحاق النفس ، فوصل بذلك إلى الله .
X X X
ووقف أمامه يتكلم معه بصراحة ، ويشرح له حالة بعد الخطية ويطلب رحمته . ويقول له " وأنت يارب إلى متى ؟ " .
أنا يارب قد سقطت . ولكن أنت ؟ أين أنت منى ؟
لماذا يعيرونني قائلين : أين هو إلهك ؟! ( مز42 : 10 ) . أنا مهما بعدت عنك ، أنت لا تبعد عنى . ومهما كنت ضعيفاً ، أنت الذي تسند ضعفى . وإن كنت ساقطاً ، أنت الذي تقيمني من سقطتي . وإن كانت الخطية قد أهلكتنى ، عد ونج نفسي ، وأحيني من أجل رحمتك . كرحمتك يارب وليس كخطاياي .
X X X
نحن إنما ندخل إلى قلب داود ونتخيل مشاعره ... هو لم يقل هنا : إلى متى يارب تنساني ( مز13 : 1 ) ولا إلى متى يارب تقف بعيداً ، إلى متى تختفي في وقت الضيق ( مز10 : 1 ) ... إنما في هذا المزمور قال إلى متي .. وسكت !! غلبة التأثير فلم يكمل العبارة .. أنت يارب فاهم ما أقصد ...
الذي أنتظره يارب منك أن تتدخل . لاتتركنى .
لا تتركني لعظامي لنفسي الضعيفة ، ولا تتركني لأعدائي الأقوياء . ولا تتركني لعظامي المضطربة . ولا إلى نفسي المنزعجة يقول له : إلى متى ؟ لأنه قد طال الزمان ، وثقل الهم . وشعر داود بالاحتياج إلى الله .
X X X
إن الله في الحقيقة : أحياناً يستجيب بسرعة ، وأحياناً يبطئ !
له حكمته في الاستجابة السريعة ، وله حكمته في الإبطاء . من جهة الاستجابة السريعة ، يعطينا مثلاً عجيباً في 0 أش 65 : 24 ) إذ يقول الرب " ويكون إني قبلما يدعون ، أنا أجيب ، وفيما هم يتكلمون بعد أني أنا أسمع " ... قبلما يطلبون الطلب ، أنا أجيبهم إليه .. حقاً هذا عجيب . ولكنه ليس عجيباً على هم يتكلمون بعد " أي قبل أن يكلموا كلامهم ، إني أنا أسمع .. لأني أسمع ما القلب ، قبل أن يفوه به اللسان ...
X X X
لعلك يارب تستجيب هكذا بسرعة للأبرار الذين لم يخطئوا إليك ، أو لمن يغضبوك بأفعالهم . أما أنا فلست من هؤلاء . أنا أستحي من أن أرفع وجهي إليك . لذلك عظامي قد اضطربت ونفسي قد انزعجت جداً .. لذلك قد صبرت على . فإلي متى يارب ؟ لعله توجد في عينيك يا داود بعض دموع مخزونة في عينيك ، أريد أن أعصرها فتسقط . ربما توجد بعض تنهدات لم تتأوه بها بعد ... ربما يوجد بعض انسحاق . أنت محتاج إليه لتكمل به توبتك . لذلك أنا صبرت عليك .. صبرت حتى تقول " أعوم في كل ليلة سريري ، وبدموعي أبل فراشي ... إلى متى يارب ؟ إلى متى أسلك كئيباً من مضايقة عدوي ( مز42 : 9 ) من مضايقة أولئك الذين يحزنونني قائلين : ليس له خلاص بالله ( مز3 ) .. ربما يكون السبب منك أنت يا داود . X X X
الله دائماً يتدخل في الوقت المناسب . قد نظن نجن أنه أبطأ . ولا يكون الأمر هكذا .
عد ونج نفسي .
كونه يطلب من الرب أن يعود ، معناها أنه شاعر بالتخلي ، شاعر أن تالله قد بعد عنه ، فارقه ، وقد اغترب هو عن الله . وأن الله لا يعمل معه . لذلك يقول : عد ونج نفسي . عظامي المضطربة ، فلتبق مضربة . فليس الجسد هو الذى يتبعني بالأكثر . ولكن ماذا عن نفسي المنزعجة جداً . أعطها شيئاً من السلام ، وشيئاً من التعزية ، ولا تترك نفسي هكذا في انزعجت . إنك في تجربة أيوب الصديق ، سمحت للشيطان أن يضرب جسده ، ولكنك منعته من جهة نفس أيوب فلا يمسها ... ( أي2 : 6 ) . وأنا نفسي قد انزعجت جداً . عد ونج نفسي .
X X X
إنه شاعر بالتخلي وبالغربة عن الله ، وكأنه يقول له :
أين يارب محبتك الأولي ؟ أين تعزياتك القديمة ؟
أين وجهك ، لماذا صرفته عني ، فصرت قلقاً .
ولعل هذا ما شعر به أيوب أيضاً في وقت مذلته ، فقال : " يا ليتني كما في الشهور السالفة ، وكالأيام التي حفظني الله فيها . حين أضاء سراجه على رأسي ، وبنوره سلكت في الظلمة ورضا الله على خيمتي .. إذ غسلت خطواتي باللبن ، والصخر سكب لي جداول زيت ... " ( أي29 : 2 – 6 ) .
هكذا داود يقول : عد يارب .
عد إلى علاقتك معي ، كالأيام التي اخترتني فيها من بين كل أـخوتي ، وأرسلت صموئيل النبى ليسكب علي من دهن المسحه ، فيحل على روحك القدوس 0 1صم16 : 13 ) ... والآن عد ونج نفسي وأحيني ...
X X X
بين كل حين وآخر يقول : يارب .. لأنه لو لجأ إلى أحد آخر لا يجد عوناً ، ولا عزاء ولا رجاء . وهذا كان منهج داود باستمرار . إنه يقول في مزمور آخر " الرب لي معين ، وأنا أري بأعدائي . الإتكال على الرب خير من الإتكال على البشر . الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء " ( مز118 : 7 – 9 ) .
إنه يقول للرب ( أحيني ) . فلماذا ؟ يقول :
" لأنه ليس في الموتى من يذكرك ، ولا في الجحيم من يعترف لك .
وأحيني من اجل رحمتك .
نعم . من أجل رحمتك . وليس من أجل استحقاقي ، ولا من أجل توبتى ، ولا من أجل صلاتي ، ولا من أجل دموعي . أحيني من أجل رحمتك . من أجل أنك حنون وطيب .
إنها حجة قوية يتمسك بها داود ، وهي رحمة الله ... لو أن داود تمسك باستحقاق توبته ، لقال بذلك غير محدودة ومهما تبت فتوبتك محدودة ... لكنه حينما يتمسك برحمة الله ، فالله لاحمته واسعة . داود يدرك هذا تماماً . فحينما خير بين ثلاث عقوبات ، بعدما أخطأ وعد الشعب ، قال داود " أقع في يدي الله ، ولا أقع في يد إنسان ، لأن مراحم الله واسعة " ( 2صم 24 : 14 ) .
X X X
يقول له : وأنت يارب ، فإلي متى ؟
كلمة : ( يارب ) كررها كثيراً في هذا المزمور :
يقول : يارب لا تبكتني بغضبك ...
ارحمني يارب فإني ضعيف .
اشقني يارب فإن عظامي قد اضطربت .
وأنت يارب ، فإلي متى ؟
وفي آخر المزمور يقول : لأن الرب قد سمع صوت بكائي . الرب سمع تضرعي . الرب لصلاتي قبل ...
سبع مرات في مزمور يضم عشر آيات فقط .
حقاً إن أسم الرب برج حصين ، يركض إليه الصديق ويتمنع " ( أم18 : 10 ) .
الله دائماً يتدخل في الوقت المناسب . نظن نحن أنه أبطأ ، ولا يكون الأمر كذلك .
ونظن أن الله قد نسيتنا ، أو أنه قد اختفي عنا . ويصرخ القلب قائلاً " أسرع وأعنى " ( مز70 : 1 ، 5 ) . بينما ما نراه إبطاء ، ما هو إلا إنتظار الوقت المناسب للعمل من أجلنا . كان الشعب يئن من بئر العبودية ، وكان الله يري ويشفق . ولكنه يصبر ويقول لا أخرجكم الآن ... لماذا ؟ لأن " كأس الأموريين ليس كاملاً " ( تك15 : 16 ) . لم يمتلئ بعد كأس الغضب على أعدائكم . سيأتي الوقت الذى أطردهم أمامكم ، وبالنسبة إليهم في استحقاق وعدل . وحينئذ تكون " كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله " 0 رو8 : 28 ) .
نقول له : وأنت يارب إلى متى ؟ ونحن واثقون تماماً أنه لابد سيأتي ...
ولو في الهزيع من الليل ( مت14 : 25 ) ، ولو في اليوم الرابع لموت لعازر ( يو11 : 17 ) . إنه سيأتي . سيأتي سريعاً ولا يبطئ ( رؤ3 : 11 ) . إذن " انتظر الرب ، تقو وليتشدد قلبك ، وانتظر الرب " 0 مز27 : 14 ) . ليس بنفس منزعجة ، وإنما تقو . كن متشدداً . تقو بالأيمان .
يتابع داود مزموره ، فيقول للرب :
في وسط الخطية والتعب ، بدأ يذكر الموت . فإن تذكار الموت مفيد بلا شك ... إنه يريد أن يطمئن على أن الرب قد أحياه ( روحياً ) قبل أن يموت . كثير من الناس يقولون نريد أن نموت . هل هو مطمئن على نفسه : إن مات ، إلى أين يذهب ؟!
من هو الذى يشتهي الموت ؟ إنه الإنسان الذى يسطتيع أن يقول مع القديس بولس الرسول :
لى إشتهاء أن أنطلق ، وأكون مع المسيح . ذاك أفضل جداً " ( 1فى 1 : 23 ) .
لأن الخطية لا يمكن أن يكون معها سلام .. " لا سلام – قال الرب – للأشرار " ( أش 48 : 23 ) . أين يا داود تسابيحك وأغانيك ؟! أين قيثارتك الحلوة ؟ .. لقد علقت قيثارتي على أوراق الصفصاف . كيف أسبح تسبحة الرب في أرض غريبة ؟! ( مز137 : 2 ، 4 ) ... الخطية جعلتني في حالة غربة عن الله ...
X X X
" نفسي قد انزعجت جداً " . حقاً إن آلام النفس أصعب من آلام الجسد .
لذلك يقول للرب : عد ونج نفسي . عد أنت إلى ، إن كنت لم أعد إليك .. ونج نفسي ، لأن نجاتها في يدك أنت وحدك .. أنت الوحيد الذي تستطيع أن تعزيني . لأنى أعرف جيداً أني " إليك وحدك قد أخطأت ، والشر قدامك صنعت . فأحيني من أجل رحمتك .
وصل داود إلى انسحاق النفس ، فوصل بذلك إلى الله .
X X X
ووقف أمامه يتكلم معه بصراحة ، ويشرح له حالة بعد الخطية ويطلب رحمته . ويقول له " وأنت يارب إلى متى ؟ " .
أنا يارب قد سقطت . ولكن أنت ؟ أين أنت منى ؟
لماذا يعيرونني قائلين : أين هو إلهك ؟! ( مز42 : 10 ) . أنا مهما بعدت عنك ، أنت لا تبعد عنى . ومهما كنت ضعيفاً ، أنت الذي تسند ضعفى . وإن كنت ساقطاً ، أنت الذي تقيمني من سقطتي . وإن كانت الخطية قد أهلكتنى ، عد ونج نفسي ، وأحيني من أجل رحمتك . كرحمتك يارب وليس كخطاياي .
X X X
نحن إنما ندخل إلى قلب داود ونتخيل مشاعره ... هو لم يقل هنا : إلى متى يارب تنساني ( مز13 : 1 ) ولا إلى متى يارب تقف بعيداً ، إلى متى تختفي في وقت الضيق ( مز10 : 1 ) ... إنما في هذا المزمور قال إلى متي .. وسكت !! غلبة التأثير فلم يكمل العبارة .. أنت يارب فاهم ما أقصد ...
الذي أنتظره يارب منك أن تتدخل . لاتتركنى .
لا تتركني لعظامي لنفسي الضعيفة ، ولا تتركني لأعدائي الأقوياء . ولا تتركني لعظامي المضطربة . ولا إلى نفسي المنزعجة يقول له : إلى متى ؟ لأنه قد طال الزمان ، وثقل الهم . وشعر داود بالاحتياج إلى الله .
X X X
إن الله في الحقيقة : أحياناً يستجيب بسرعة ، وأحياناً يبطئ !
له حكمته في الاستجابة السريعة ، وله حكمته في الإبطاء . من جهة الاستجابة السريعة ، يعطينا مثلاً عجيباً في 0 أش 65 : 24 ) إذ يقول الرب " ويكون إني قبلما يدعون ، أنا أجيب ، وفيما هم يتكلمون بعد أني أنا أسمع " ... قبلما يطلبون الطلب ، أنا أجيبهم إليه .. حقاً هذا عجيب . ولكنه ليس عجيباً على هم يتكلمون بعد " أي قبل أن يكلموا كلامهم ، إني أنا أسمع .. لأني أسمع ما القلب ، قبل أن يفوه به اللسان ...
X X X
لعلك يارب تستجيب هكذا بسرعة للأبرار الذين لم يخطئوا إليك ، أو لمن يغضبوك بأفعالهم . أما أنا فلست من هؤلاء . أنا أستحي من أن أرفع وجهي إليك . لذلك عظامي قد اضطربت ونفسي قد انزعجت جداً .. لذلك قد صبرت على . فإلي متى يارب ؟ لعله توجد في عينيك يا داود بعض دموع مخزونة في عينيك ، أريد أن أعصرها فتسقط . ربما توجد بعض تنهدات لم تتأوه بها بعد ... ربما يوجد بعض انسحاق . أنت محتاج إليه لتكمل به توبتك . لذلك أنا صبرت عليك .. صبرت حتى تقول " أعوم في كل ليلة سريري ، وبدموعي أبل فراشي ... إلى متى يارب ؟ إلى متى أسلك كئيباً من مضايقة عدوي ( مز42 : 9 ) من مضايقة أولئك الذين يحزنونني قائلين : ليس له خلاص بالله ( مز3 ) .. ربما يكون السبب منك أنت يا داود . X X X
الله دائماً يتدخل في الوقت المناسب . قد نظن نجن أنه أبطأ . ولا يكون الأمر هكذا .
عد ونج نفسي .
كونه يطلب من الرب أن يعود ، معناها أنه شاعر بالتخلي ، شاعر أن تالله قد بعد عنه ، فارقه ، وقد اغترب هو عن الله . وأن الله لا يعمل معه . لذلك يقول : عد ونج نفسي . عظامي المضطربة ، فلتبق مضربة . فليس الجسد هو الذى يتبعني بالأكثر . ولكن ماذا عن نفسي المنزعجة جداً . أعطها شيئاً من السلام ، وشيئاً من التعزية ، ولا تترك نفسي هكذا في انزعجت . إنك في تجربة أيوب الصديق ، سمحت للشيطان أن يضرب جسده ، ولكنك منعته من جهة نفس أيوب فلا يمسها ... ( أي2 : 6 ) . وأنا نفسي قد انزعجت جداً . عد ونج نفسي .
X X X
إنه شاعر بالتخلي وبالغربة عن الله ، وكأنه يقول له :
أين يارب محبتك الأولي ؟ أين تعزياتك القديمة ؟
أين وجهك ، لماذا صرفته عني ، فصرت قلقاً .
ولعل هذا ما شعر به أيوب أيضاً في وقت مذلته ، فقال : " يا ليتني كما في الشهور السالفة ، وكالأيام التي حفظني الله فيها . حين أضاء سراجه على رأسي ، وبنوره سلكت في الظلمة ورضا الله على خيمتي .. إذ غسلت خطواتي باللبن ، والصخر سكب لي جداول زيت ... " ( أي29 : 2 – 6 ) .
هكذا داود يقول : عد يارب .
عد إلى علاقتك معي ، كالأيام التي اخترتني فيها من بين كل أـخوتي ، وأرسلت صموئيل النبى ليسكب علي من دهن المسحه ، فيحل على روحك القدوس 0 1صم16 : 13 ) ... والآن عد ونج نفسي وأحيني ...
X X X
بين كل حين وآخر يقول : يارب .. لأنه لو لجأ إلى أحد آخر لا يجد عوناً ، ولا عزاء ولا رجاء . وهذا كان منهج داود باستمرار . إنه يقول في مزمور آخر " الرب لي معين ، وأنا أري بأعدائي . الإتكال على الرب خير من الإتكال على البشر . الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء " ( مز118 : 7 – 9 ) .
إنه يقول للرب ( أحيني ) . فلماذا ؟ يقول :
" لأنه ليس في الموتى من يذكرك ، ولا في الجحيم من يعترف لك .
وأحيني من اجل رحمتك .
نعم . من أجل رحمتك . وليس من أجل استحقاقي ، ولا من أجل توبتى ، ولا من أجل صلاتي ، ولا من أجل دموعي . أحيني من أجل رحمتك . من أجل أنك حنون وطيب .
إنها حجة قوية يتمسك بها داود ، وهي رحمة الله ... لو أن داود تمسك باستحقاق توبته ، لقال بذلك غير محدودة ومهما تبت فتوبتك محدودة ... لكنه حينما يتمسك برحمة الله ، فالله لاحمته واسعة . داود يدرك هذا تماماً . فحينما خير بين ثلاث عقوبات ، بعدما أخطأ وعد الشعب ، قال داود " أقع في يدي الله ، ولا أقع في يد إنسان ، لأن مراحم الله واسعة " ( 2صم 24 : 14 ) .
X X X
يقول له : وأنت يارب ، فإلي متى ؟
كلمة : ( يارب ) كررها كثيراً في هذا المزمور :
يقول : يارب لا تبكتني بغضبك ...
ارحمني يارب فإني ضعيف .
اشقني يارب فإن عظامي قد اضطربت .
وأنت يارب ، فإلي متى ؟
وفي آخر المزمور يقول : لأن الرب قد سمع صوت بكائي . الرب سمع تضرعي . الرب لصلاتي قبل ...
سبع مرات في مزمور يضم عشر آيات فقط .
حقاً إن أسم الرب برج حصين ، يركض إليه الصديق ويتمنع " ( أم18 : 10 ) .
الله دائماً يتدخل في الوقت المناسب . نظن نحن أنه أبطأ ، ولا يكون الأمر كذلك .
ونظن أن الله قد نسيتنا ، أو أنه قد اختفي عنا . ويصرخ القلب قائلاً " أسرع وأعنى " ( مز70 : 1 ، 5 ) . بينما ما نراه إبطاء ، ما هو إلا إنتظار الوقت المناسب للعمل من أجلنا . كان الشعب يئن من بئر العبودية ، وكان الله يري ويشفق . ولكنه يصبر ويقول لا أخرجكم الآن ... لماذا ؟ لأن " كأس الأموريين ليس كاملاً " ( تك15 : 16 ) . لم يمتلئ بعد كأس الغضب على أعدائكم . سيأتي الوقت الذى أطردهم أمامكم ، وبالنسبة إليهم في استحقاق وعدل . وحينئذ تكون " كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله " 0 رو8 : 28 ) .
نقول له : وأنت يارب إلى متى ؟ ونحن واثقون تماماً أنه لابد سيأتي ...
ولو في الهزيع من الليل ( مت14 : 25 ) ، ولو في اليوم الرابع لموت لعازر ( يو11 : 17 ) . إنه سيأتي . سيأتي سريعاً ولا يبطئ ( رؤ3 : 11 ) . إذن " انتظر الرب ، تقو وليتشدد قلبك ، وانتظر الرب " 0 مز27 : 14 ) . ليس بنفس منزعجة ، وإنما تقو . كن متشدداً . تقو بالأيمان .
يتابع داود مزموره ، فيقول للرب :
في وسط الخطية والتعب ، بدأ يذكر الموت . فإن تذكار الموت مفيد بلا شك ... إنه يريد أن يطمئن على أن الرب قد أحياه ( روحياً ) قبل أن يموت . كثير من الناس يقولون نريد أن نموت . هل هو مطمئن على نفسه : إن مات ، إلى أين يذهب ؟!
من هو الذى يشتهي الموت ؟ إنه الإنسان الذى يسطتيع أن يقول مع القديس بولس الرسول :
لى إشتهاء أن أنطلق ، وأكون مع المسيح . ذاك أفضل جداً " ( 1فى 1 : 23 ) .
رولاقلـ يسوع ـب
02-06-2008, 12:09 PM
هذا
يعرف أنه بعد الموت سيكون مع المسيح . سيكون معه فى الفردوس ( لو23 : 43 )
. لذلك رأي أفضل جداً . أما داود فكان لا يزال يخاف من الموت . لذلك يقول :
ليس في الموتي من يذكرك ولا في الجحيم من يعترف لك ...
أنا أريد أن أذكرك الآن ، وأعترف لك الآن ، قبل أن أموت .
إننى أميل من جهة عبارة " ليس في الموتي من يذكرك " أن يكون المقصود هو الموتي بالخطايا ... وعن هذا قال الرسول " كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا ، التي سلكتم فيها قبلاً " ( أف2 : 1 ) . لذلك فإن داود يقول :
إحيني .. لأنه ليس في الموتي من يذكرك .
أعطنى أن أكون حياً فيك ، أي أنقذني من الموت ، موت الخطية ، ومن الخطية التي أجرتها الموت ( رو6 : 23 ) .
فإن صرت حياً فيك ، سأحيا إلى الأبد ، لأنه ليس في الموتي من يذكرك . الأموات بالخطايا لا يذكرونك هنا على الأرض ، لأن لها مشاغل أخرى تلهيهم عنك . وأيضاً حينما يذهبون إلى الجحيم ، لا يعترفون لك .
X X X
هنا ، ونذكر أنواعاً من الموت .
أولاً موت الجسد ، وهو انفصال الجسد عن الروح .
ثانياً : الموت الأدبي ، وهو فقدان الصورة الإلهية ، فقدان الطابع الروحي ، الذى يميز أولاد الله عن أهل العالم ، الذي قال عنهم الرسول " بهذا أولاد الله ظاهرون ، وأولاد الله ظاهرون ، وأولاد إبليس [ ظاهرون ] " ( يو3 : 10 ) .
ثالثاً : الموت الروحي ، وهو انفصال الروح عن الله . وهذا ما قصده الرسول بعبارة " أموت بالخطايا " ( أف2 : 1 ، 5 ) .
رابعاً : الموت الأبدي هو الهلاك الأبدي ، الذى قال عنه الرب في مصير الأشرار " فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدي " ( مت25 : 47 ) . هو الإلقاء في بحيرة النار والكبريت ( رؤ20 : 10 ) ... في الظلمة الخارجية حيث البكاء وصرير الأنسان ( مت25 : 30 ) .
X X X
X الذين ينتهون إلى الموت الأبدي ، هم الذين قال عنهم الرب " تموتون في خطاياكم . وحيثأمضى أنا ، لا تقدرون أنتم أن تأتوا " ( يو8 : 21 ) . هؤلاء لا يذكرون الله ولا يعترفون له ، وهم في ظلمتهم الخارجية ، التي هي خارج عشرة الله وقديسيه ، حيث هم في بحيرة النار والكبريت .
Xوالذين في الموت الأدبي ، أو في الموت الروحي ، فهؤلاء لا يذكرون الله أيضاً ولا يعترفون له ، لأنهم في حياة الخطية . لكن أمامهم فرصة للتوبة وهم على الأرض . فإن تابوا ، ينطبق عليهم قول الآب : " إبنى هذا كان ميتاً فعاش ، وكان ضالاً فوجد " ( لو15 : 24 ) .
والتوبة بالنسبة إليهم ، تعتبر قيامة من الموت ، موت الخطية .
X أما موت الجسد ، فحسب نوعيته تكون الصلة بالله . إن مات الإنسان وهو في حالة خطية ، تنطبق عليه عبارة " ليس في الموتي من يذكرك .. " .
X X X
أما الذي يموت في بره ، فتنطبق عليه صلوات الكنيسة عنه ، قائلة للرب :
لأنه ليس موت لعبيدك ، بل هو انتقال . هؤلاء في موتهم يذكرون الله ويعترفون له ، لأنهم يكونون معه في الفردوس ، ثم في الملكوت .
وطبعاً هؤلاء – بعد الموت – يسبحون الله ويعترفون له بأرواحهم ، التي تكون حية بعد الموت . أما الجسد فيتحول إلى تراب ، وليس في تلك الأجساد المائتة تسبيح لله ، إلا بعد القيامة ، حينما تقوم أجساداً روحانية سماوية ( 1كو15 : 44 ، 49 ) . حينئذ تذكر الله وتعترف له بعد أن تتحد بأرواحها .
X X X
هذا الموت بالجسد – في بر – يمتدحه الرسول ، فيقول عنه الرسول " لي الحياة هي المسيح . والموت هو ربح " ( في1 : 21 ) . ويقول أيضاً " عالمون ونحن مستوطنون في الجسد ، ونحن مستوطنون في الجسد ، فنحن متغربون عن الله ، لأننا بالأيمان نسلك لا بالعيان . فنثق ونسر بالأولي أن نتغرب عن الجسد ، ونستوطن عند الرب " ( 2كو5 : 6 – 8 ) . إنه يسر بالموت ، إذ يتغرب عن الجسد ، ويستوطن عند الرب .
أما أنت ففي صلاتك ، حاول أن تصل إلى عشرة مع الله ، قبل أن تموت .
X X X
بعد أن يتذكر داود الموت ، وكيف لا يذكرون الله ولا يعترفون له ، يقول للرب .
" تعبت في تنهدي . أعوم في كل ليلة سريري .. " .
إنه يتنهد بصعوبة . لأنه عملياً الذي يتنهد كثيراً ، يأتى علية وقت يتعب فيه من التنهد ، ويصبح غير قادر عليه ... قيل مرة عن داود وأصحابة ، حينما أحرق العمالقة مدينة صقلع ، وسبوا النساء وأخذوا الرجال والأطفال أسري ... أن داود وأصحابة " رفعوا أصواتهم وبكون . حتى لم يتبق لهم قوة للبكاء " ( 1صم30 : 4 ) .. تعبير صعب ...
حقاً قد يبكي الإنسان ، ويكثر من البكاء ، حتى يأتى عليه وقت : يتعب فيه من البكاء ، ولا تبقى فيه قوة البكاء !!
هكذا فعل داود .. تنهد على خطاياه ، حتى تعب من تنهده . تذكر شهوته وزناه ، تذكر كيف احتال على أوريا الحثى أن يذهب إلى بيته ، لكي لا يعمل خطيته . وكيف كان الرجل أنبل منه وأسمي ( 2صم11 : 10 ، 11 ) . وتذكر كيف احتال لكي يقتل أوريا في الحرب ، لكي لا يعمل بما حدث . وقتل أوريا فعلاً . وتذكر كيف أنه لم يبال بتسببه في قتل أوريا ، بل أرسل إلى يوآب رئيس الجيش يقول له " لا يسؤ في عينيك هذا الأمر . فإن السيف يأكل هذا وذاك " ( 2صم11 : 25 ) .
لقد بكي داود . ولكنة لم يبك طلباً للمغفرة ، وإنما بعد أن نال المغفرة !
لقد قدم توبة والتوبة تغفر الخطية . ولكن هذه المغفرة لا تمنع من أن الخطية قد أرتيكت وتم الأمر ، ولها آثارها النفسية التي قد لا يستطيع الإنسان أن يتلافها ... بالنسبة إلى داود ، كان قد نال المغفرة عن خطيئته من قبل ، حينما شرح له ناثان النبي عمق تلك الخطية ، فقال داود " أخطأت إلى الرب " . وقال له ناثان " الرب أيضاً قد نقل عنك خطيتك ، لا تموت " ( 2صم12 : 13 ) ، أي نقلها إلى حساب المسيح ليمحوها بدمه ، وتغفر لك ، فلا تموت . إذن لماذا بكى داود ؟
لقد بكي تأثراً وحزناً ، إذ قد نزل إلى المستوى الذى فعل فيه كل ما فعل ...
لقد حزن لأنه أغضب الله . وأيضاً لأنه أحزن الروح القدس الذي حل عليه يوم مسحته .. حزن أيضاً لأنه فقد سموه ، وفقد نقاوته ، وفقد بره وعفته وطهارته ، وفقد نبله وانحدر مستواه الروحي ...
من جهة المغفرة ، قد غفرت الخطية . ولكن في نفسه صوتاً يقول : كيف أفعل كل هذا ؟! وأين كان ضميرى ؟! وهكذا كانت خطيته أمامه في كل حين " ( مز51 ) ، لا تفارق ذاكرته ولا تفارق مخيلته ، تذكره بأنه فقد الصورة الإلهية التي له ولم يحتفظ بكرامة المسحة التي نالها من الروح القدس ، فتضطرب عظامه ، ونفسه تنزعج جداً .
X X X
إنه يقول : أعوم كل ليلة سريرى . وبدموعي أبل فراشي .
ولماذا يعوم سريره كل ليلة ، وليس بالنهار ؟
في النهار مشغول عن نفسه بأشياء كثيرة .. مشغول بأمور الملك والجيش والقضاء ، والتعامل مع الناس ومع الشعوب المقاومة له . مشغول بأعباء المملكة ، وليس لديه وقت للبكاء على خطاياه . بل ولا يخطر ذلك على فكره ... أما بالليل ، حينما يخلو إلى نفسه بعيداً عن دوامة العمل . وإذ ينفرد بنفسه ، يحاسب نفسه كثيراً ، فيتذكر خطاياه ويبكى ..
X X X
ويقول أعوم كل ليلة سريرى ، وبدموعي أبل فراشي ...
لو قال أعوم الوسادة بدموعي ، لكان الأمر معقولاً .. ولكنه يقول أعوم سريرى . أبل فراشي.
وهذا يدل على كثرة البكاء الذى لا ينقطع ، الذى لا يبل وسادته فحسب ، بل فراشه كله ، ويعوم سريره بالدموع ... إنه بكاء غير عادى . من دموع لا تهدأ ولا تقف عند حد ... كل جزئية من تفاصيل خطيته تحتاج إلى بكاء . وعلى فراشه خطيته أمامه في كل حين ( مز51 ) .
X X X
نعم هذا داود الباكي في ليليه ، الذى يقول :
" في المساء يحل البكاء .. " ( مز30 : 5 ) . إنها فترة هادئة يقضيها مع نفسه ، بعيداً عن دوامة العمل والمشغوليات ، يصلى ويتأمل ، ويتذكر خطاياه فيبكى . حينما تتذكر بكاء داود اسأل نفسك : هل لك بكاء على خطاياك مثل بكائه ؟!
X X X
إنه يقول أيضاً بعد ذلك :
" تعكرت من الغضب عيناي .. شاخت من سائر أعدائي . وفى ترجمات أخرى " تعكرت من الغم عيناي " . والقصد واحد : سواء حزنه ، أو غضبه على نفسه ، أو غضب الله بسبب كل هذا تعكرت عيناه " . أي أنه بسبب الحزن والبكاء ، ومن الغضب الذى ثار في صدره ضد ما ارتكب من خطايا ، تعكرت عيناه ، وأدركتهما الشيخوخة في غير وقتها . وهذا واضح الحدوث ...
ما أكثر القصص عن الدموع في حياة القديسين .
القديس أرسانيوس الكبير بكائه تساقطت رموش عينيه . هذا القديس العظيم كان يبلل الخوص بدموعه ، وكان يضع فوطة على رجليه أثناء عمل يديه ليتلقى فيها دموعه . بينما أرسانيوس هذا كان رجل صلاة ، يقضى الليل كله في الصلاة . يقف للصلاة والشمس قد غابت ، ويظل حتى تظهر أمامه مرة أخرى . ومع ذلك فهو يبكى ...
X X X
أنا أريد أن أذكرك الآن ، وأعترف لك الآن ، قبل أن أموت .
إننى أميل من جهة عبارة " ليس في الموتي من يذكرك " أن يكون المقصود هو الموتي بالخطايا ... وعن هذا قال الرسول " كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا ، التي سلكتم فيها قبلاً " ( أف2 : 1 ) . لذلك فإن داود يقول :
إحيني .. لأنه ليس في الموتي من يذكرك .
أعطنى أن أكون حياً فيك ، أي أنقذني من الموت ، موت الخطية ، ومن الخطية التي أجرتها الموت ( رو6 : 23 ) .
فإن صرت حياً فيك ، سأحيا إلى الأبد ، لأنه ليس في الموتي من يذكرك . الأموات بالخطايا لا يذكرونك هنا على الأرض ، لأن لها مشاغل أخرى تلهيهم عنك . وأيضاً حينما يذهبون إلى الجحيم ، لا يعترفون لك .
X X X
هنا ، ونذكر أنواعاً من الموت .
أولاً موت الجسد ، وهو انفصال الجسد عن الروح .
ثانياً : الموت الأدبي ، وهو فقدان الصورة الإلهية ، فقدان الطابع الروحي ، الذى يميز أولاد الله عن أهل العالم ، الذي قال عنهم الرسول " بهذا أولاد الله ظاهرون ، وأولاد الله ظاهرون ، وأولاد إبليس [ ظاهرون ] " ( يو3 : 10 ) .
ثالثاً : الموت الروحي ، وهو انفصال الروح عن الله . وهذا ما قصده الرسول بعبارة " أموت بالخطايا " ( أف2 : 1 ، 5 ) .
رابعاً : الموت الأبدي هو الهلاك الأبدي ، الذى قال عنه الرب في مصير الأشرار " فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدي " ( مت25 : 47 ) . هو الإلقاء في بحيرة النار والكبريت ( رؤ20 : 10 ) ... في الظلمة الخارجية حيث البكاء وصرير الأنسان ( مت25 : 30 ) .
X X X
X الذين ينتهون إلى الموت الأبدي ، هم الذين قال عنهم الرب " تموتون في خطاياكم . وحيثأمضى أنا ، لا تقدرون أنتم أن تأتوا " ( يو8 : 21 ) . هؤلاء لا يذكرون الله ولا يعترفون له ، وهم في ظلمتهم الخارجية ، التي هي خارج عشرة الله وقديسيه ، حيث هم في بحيرة النار والكبريت .
Xوالذين في الموت الأدبي ، أو في الموت الروحي ، فهؤلاء لا يذكرون الله أيضاً ولا يعترفون له ، لأنهم في حياة الخطية . لكن أمامهم فرصة للتوبة وهم على الأرض . فإن تابوا ، ينطبق عليهم قول الآب : " إبنى هذا كان ميتاً فعاش ، وكان ضالاً فوجد " ( لو15 : 24 ) .
والتوبة بالنسبة إليهم ، تعتبر قيامة من الموت ، موت الخطية .
X أما موت الجسد ، فحسب نوعيته تكون الصلة بالله . إن مات الإنسان وهو في حالة خطية ، تنطبق عليه عبارة " ليس في الموتي من يذكرك .. " .
X X X
أما الذي يموت في بره ، فتنطبق عليه صلوات الكنيسة عنه ، قائلة للرب :
لأنه ليس موت لعبيدك ، بل هو انتقال . هؤلاء في موتهم يذكرون الله ويعترفون له ، لأنهم يكونون معه في الفردوس ، ثم في الملكوت .
وطبعاً هؤلاء – بعد الموت – يسبحون الله ويعترفون له بأرواحهم ، التي تكون حية بعد الموت . أما الجسد فيتحول إلى تراب ، وليس في تلك الأجساد المائتة تسبيح لله ، إلا بعد القيامة ، حينما تقوم أجساداً روحانية سماوية ( 1كو15 : 44 ، 49 ) . حينئذ تذكر الله وتعترف له بعد أن تتحد بأرواحها .
X X X
هذا الموت بالجسد – في بر – يمتدحه الرسول ، فيقول عنه الرسول " لي الحياة هي المسيح . والموت هو ربح " ( في1 : 21 ) . ويقول أيضاً " عالمون ونحن مستوطنون في الجسد ، ونحن مستوطنون في الجسد ، فنحن متغربون عن الله ، لأننا بالأيمان نسلك لا بالعيان . فنثق ونسر بالأولي أن نتغرب عن الجسد ، ونستوطن عند الرب " ( 2كو5 : 6 – 8 ) . إنه يسر بالموت ، إذ يتغرب عن الجسد ، ويستوطن عند الرب .
أما أنت ففي صلاتك ، حاول أن تصل إلى عشرة مع الله ، قبل أن تموت .
X X X
بعد أن يتذكر داود الموت ، وكيف لا يذكرون الله ولا يعترفون له ، يقول للرب .
" تعبت في تنهدي . أعوم في كل ليلة سريري .. " .
إنه يتنهد بصعوبة . لأنه عملياً الذي يتنهد كثيراً ، يأتى علية وقت يتعب فيه من التنهد ، ويصبح غير قادر عليه ... قيل مرة عن داود وأصحابة ، حينما أحرق العمالقة مدينة صقلع ، وسبوا النساء وأخذوا الرجال والأطفال أسري ... أن داود وأصحابة " رفعوا أصواتهم وبكون . حتى لم يتبق لهم قوة للبكاء " ( 1صم30 : 4 ) .. تعبير صعب ...
حقاً قد يبكي الإنسان ، ويكثر من البكاء ، حتى يأتى عليه وقت : يتعب فيه من البكاء ، ولا تبقى فيه قوة البكاء !!
هكذا فعل داود .. تنهد على خطاياه ، حتى تعب من تنهده . تذكر شهوته وزناه ، تذكر كيف احتال على أوريا الحثى أن يذهب إلى بيته ، لكي لا يعمل خطيته . وكيف كان الرجل أنبل منه وأسمي ( 2صم11 : 10 ، 11 ) . وتذكر كيف احتال لكي يقتل أوريا في الحرب ، لكي لا يعمل بما حدث . وقتل أوريا فعلاً . وتذكر كيف أنه لم يبال بتسببه في قتل أوريا ، بل أرسل إلى يوآب رئيس الجيش يقول له " لا يسؤ في عينيك هذا الأمر . فإن السيف يأكل هذا وذاك " ( 2صم11 : 25 ) .
لقد بكي داود . ولكنة لم يبك طلباً للمغفرة ، وإنما بعد أن نال المغفرة !
لقد قدم توبة والتوبة تغفر الخطية . ولكن هذه المغفرة لا تمنع من أن الخطية قد أرتيكت وتم الأمر ، ولها آثارها النفسية التي قد لا يستطيع الإنسان أن يتلافها ... بالنسبة إلى داود ، كان قد نال المغفرة عن خطيئته من قبل ، حينما شرح له ناثان النبي عمق تلك الخطية ، فقال داود " أخطأت إلى الرب " . وقال له ناثان " الرب أيضاً قد نقل عنك خطيتك ، لا تموت " ( 2صم12 : 13 ) ، أي نقلها إلى حساب المسيح ليمحوها بدمه ، وتغفر لك ، فلا تموت . إذن لماذا بكى داود ؟
لقد بكي تأثراً وحزناً ، إذ قد نزل إلى المستوى الذى فعل فيه كل ما فعل ...
لقد حزن لأنه أغضب الله . وأيضاً لأنه أحزن الروح القدس الذي حل عليه يوم مسحته .. حزن أيضاً لأنه فقد سموه ، وفقد نقاوته ، وفقد بره وعفته وطهارته ، وفقد نبله وانحدر مستواه الروحي ...
من جهة المغفرة ، قد غفرت الخطية . ولكن في نفسه صوتاً يقول : كيف أفعل كل هذا ؟! وأين كان ضميرى ؟! وهكذا كانت خطيته أمامه في كل حين " ( مز51 ) ، لا تفارق ذاكرته ولا تفارق مخيلته ، تذكره بأنه فقد الصورة الإلهية التي له ولم يحتفظ بكرامة المسحة التي نالها من الروح القدس ، فتضطرب عظامه ، ونفسه تنزعج جداً .
X X X
إنه يقول : أعوم كل ليلة سريرى . وبدموعي أبل فراشي .
ولماذا يعوم سريره كل ليلة ، وليس بالنهار ؟
في النهار مشغول عن نفسه بأشياء كثيرة .. مشغول بأمور الملك والجيش والقضاء ، والتعامل مع الناس ومع الشعوب المقاومة له . مشغول بأعباء المملكة ، وليس لديه وقت للبكاء على خطاياه . بل ولا يخطر ذلك على فكره ... أما بالليل ، حينما يخلو إلى نفسه بعيداً عن دوامة العمل . وإذ ينفرد بنفسه ، يحاسب نفسه كثيراً ، فيتذكر خطاياه ويبكى ..
X X X
ويقول أعوم كل ليلة سريرى ، وبدموعي أبل فراشي ...
لو قال أعوم الوسادة بدموعي ، لكان الأمر معقولاً .. ولكنه يقول أعوم سريرى . أبل فراشي.
وهذا يدل على كثرة البكاء الذى لا ينقطع ، الذى لا يبل وسادته فحسب ، بل فراشه كله ، ويعوم سريره بالدموع ... إنه بكاء غير عادى . من دموع لا تهدأ ولا تقف عند حد ... كل جزئية من تفاصيل خطيته تحتاج إلى بكاء . وعلى فراشه خطيته أمامه في كل حين ( مز51 ) .
X X X
نعم هذا داود الباكي في ليليه ، الذى يقول :
" في المساء يحل البكاء .. " ( مز30 : 5 ) . إنها فترة هادئة يقضيها مع نفسه ، بعيداً عن دوامة العمل والمشغوليات ، يصلى ويتأمل ، ويتذكر خطاياه فيبكى . حينما تتذكر بكاء داود اسأل نفسك : هل لك بكاء على خطاياك مثل بكائه ؟!
X X X
إنه يقول أيضاً بعد ذلك :
" تعكرت من الغضب عيناي .. شاخت من سائر أعدائي . وفى ترجمات أخرى " تعكرت من الغم عيناي " . والقصد واحد : سواء حزنه ، أو غضبه على نفسه ، أو غضب الله بسبب كل هذا تعكرت عيناه " . أي أنه بسبب الحزن والبكاء ، ومن الغضب الذى ثار في صدره ضد ما ارتكب من خطايا ، تعكرت عيناه ، وأدركتهما الشيخوخة في غير وقتها . وهذا واضح الحدوث ...
ما أكثر القصص عن الدموع في حياة القديسين .
القديس أرسانيوس الكبير بكائه تساقطت رموش عينيه . هذا القديس العظيم كان يبلل الخوص بدموعه ، وكان يضع فوطة على رجليه أثناء عمل يديه ليتلقى فيها دموعه . بينما أرسانيوس هذا كان رجل صلاة ، يقضى الليل كله في الصلاة . يقف للصلاة والشمس قد غابت ، ويظل حتى تظهر أمامه مرة أخرى . ومع ذلك فهو يبكى ...
X X X
رولاقلـ يسوع ـب
02-06-2008, 12:10 PM
فليخزوا إذن ، وليرتدوا إلى الوراء . ولعا هذا يحمل استجابة لصلاة قالها في مزمور آخر وهي :
" اصنع معي آيه صالحة ، ليري ذلك مبغضي فيخزوا " ( مز86 : 17 ) .
وفي مزموره ( مز6 ) ، لا يقصد بالخزى مبغضيه فقط ، وإنما يقول فليخز ( جميع أعدائي ) . لأنه قال في مزمور آخر " كثيرون قاموا على . كثيرون يقولون لنفسي : ليس له خلاص بإلهه " ( مز3 ) ... كل هؤلاء الشامتين الحاقدين ، فليخزوا .. سريعاً جداً ، وليرتدوا إلى الوراء ، وليضطربوا جداً ...
أما أنا فأفرح بالرب ... بالرب الذي صنع معي آيه صالحة . بالرب الذي سمع صوت بكائي ، ولصلاتي قبل . مبارك يا داود على هذا الفرح والتهليل . حقاً كما قلت :
صوت التهليل والخلاص في مساكن الأبرار ( مز118 : 15 ) .
يختم داود مزموره هذا بكلمة ( هللويا ) ...
وهي عبارة تعني التهليل للرب ، أو الفرح بالرب . وتختم بها كثير من مزامير داود ، حتى المزمور الخمسين ، مزمور التوبة المشهور ، ينتهي بعبارة هللويا أيضاً وعجيب أن مزمور " لا تبكتني بغضبك " المزمور الثالث " يارب لماذا كثر الذين يحزنونني " . ومزمور الثالث " يارب لماذا كثر الذين يحزنونني " . ومزمور " إلى متى يارب تنساني " ( مز12 ( 13 ) . بل كل مزامير صلاة باكر ...
حقاً إن داود قد يبدأ صلاته بالحزن ، ثم يختمها بالفرح والتهليل .
زكما يقول الكتاب " نهاية أمر خير من بدايته " ( جا7 : 8 ) . لأن البداية فها مشاكلنا نقدمها إلى الله . والنهاية تحمل حل الله لهذه المشاكل ... وهكذا قد يبدأ مضطرباً يقول " نفسي قد انزعجت جداً وينتهي بالفرح والتهليل . إنه درس لنا .
" اصنع معي آيه صالحة ، ليري ذلك مبغضي فيخزوا " ( مز86 : 17 ) .
وفي مزموره ( مز6 ) ، لا يقصد بالخزى مبغضيه فقط ، وإنما يقول فليخز ( جميع أعدائي ) . لأنه قال في مزمور آخر " كثيرون قاموا على . كثيرون يقولون لنفسي : ليس له خلاص بإلهه " ( مز3 ) ... كل هؤلاء الشامتين الحاقدين ، فليخزوا .. سريعاً جداً ، وليرتدوا إلى الوراء ، وليضطربوا جداً ...
أما أنا فأفرح بالرب ... بالرب الذي صنع معي آيه صالحة . بالرب الذي سمع صوت بكائي ، ولصلاتي قبل . مبارك يا داود على هذا الفرح والتهليل . حقاً كما قلت :
صوت التهليل والخلاص في مساكن الأبرار ( مز118 : 15 ) .
يختم داود مزموره هذا بكلمة ( هللويا ) ...
وهي عبارة تعني التهليل للرب ، أو الفرح بالرب . وتختم بها كثير من مزامير داود ، حتى المزمور الخمسين ، مزمور التوبة المشهور ، ينتهي بعبارة هللويا أيضاً وعجيب أن مزمور " لا تبكتني بغضبك " المزمور الثالث " يارب لماذا كثر الذين يحزنونني " . ومزمور الثالث " يارب لماذا كثر الذين يحزنونني " . ومزمور " إلى متى يارب تنساني " ( مز12 ( 13 ) . بل كل مزامير صلاة باكر ...
حقاً إن داود قد يبدأ صلاته بالحزن ، ثم يختمها بالفرح والتهليل .
زكما يقول الكتاب " نهاية أمر خير من بدايته " ( جا7 : 8 ) . لأن البداية فها مشاكلنا نقدمها إلى الله . والنهاية تحمل حل الله لهذه المشاكل ... وهكذا قد يبدأ مضطرباً يقول " نفسي قد انزعجت جداً وينتهي بالفرح والتهليل . إنه درس لنا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق